(قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ) فِيهِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِوُرُودِهِ فِيهَا (فَلَا يُخَصُّ) مِنْهُ (بِالِاجْتِهَادِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ: هِيَ (ظَنِّيَّةٌ) كَغَيْرِهَا فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا لَزِمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ لَا يَلْحَقُ سَيِّدَهَا مَا لَمْ يَقْرَبْهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّحَاقِ الْإِقْرَارُ إخْرَاجُهُ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» الْوَارِدِ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ الْمُخْتَصِمِ فِيهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَك يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ (قَالَ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
ــ
[حاشية العطار]
لِأَجْلِهَا وَهَذَا كَالتَّوْضِيحِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا (قَوْلُهُ: قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِكَوْنِهَا سَبَبًا مَعْنًى، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَطْعِيَّةِ الدُّخُولِ وَمُحَصِّلُهُ كَمَا قَالَ سم هَلْ كَوْنُهَا سَبَبًا قَرِينَةٌ عَلَى دُخُولِهَا قَطْعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْتَصُّ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ) خَصَّ الِاجْتِهَادَ بِالذِّكْرِ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِمُقَابِلِهِ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ لَا يُخَصِّصُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَنْسَخُهُ اهـ. ز.
(قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) رُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ؛ وَلِذَلِكَ اُنْتُقِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " الْأَكْثَرِ " وَمَا يَأْتِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَازِمٌ لِمَذْهَبِهِ وَلَيْسَ قَائِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَزِمَ) أَيْ كَلُزُومِ الْإِخْرَاجِ فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: نَظَرًا) أَيْ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إخْرَاجُهُ) فَاعِلُ لَزِمَ الضَّمِيرُ لِلْوَلَدِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّ الْفُرُشَ عِنْدَهُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ، وَالْأَمَةُ فِي الْحَدِيثِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالِاحْتِيَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ تَكُنْ صُورَةُ السَّبَبِ خَارِجَةً عِنْدَهُ، وَلَا يُخَالِفُ فِيهَا؛ إذْ كَيْفَ بِخُرُوجِهَا مَعَ وُرُودِ الْحَدِيثِ فِيهَا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ لِزَمْعَةَ كَذَا حَقِيقَةُ الْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ قَوْلُهُ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» أَيْ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ أَمْ لَمْ يُقِرَّ فَهَذَا وَجْهُ عُمُومِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْهُ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ فَلَمْ يُثْبِتْ نَسَبَهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ
(قَوْلُهُ: الْمُخْتَصَمِ فِيهِ) نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِابْنِ وَزَمْعَةَ اسْمُ سَيِّدِ الْأَمَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ اللَّفْظِيِّ (قَوْلُهُ: عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ) هُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ بَعْدَ أَبِيهِ زَمْعَةَ (قَوْلُهُ: وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) يَدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُ عُتْبَةَ عَهِدَ إلَيْهِ فِي خَلَاصِهِ، وَحَاصِلُ الْقِصَّةِ أَنَّ جَارِيَةَ زَمْعَةَ زَنَى بِهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ وَأَوْصَى عُتْبَةُ الْمَذْكُورُ أَخَاهُ سَعْدًا أَنَّ أَمَةَ زَمْعَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَهُوَ لَك أَيْ مَنْسُوبٌ لَك بِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيك فَادَّعِهِ ثُمَّ مَاتَ عُتْبَةُ وَكَذَلِكَ زَمْعَةُ أَوْصَى ابْنَهُ عَبْدًا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعِهِ فَإِنَّهُ لَك أَيْ أَخُوك وَمَاتَ زَمْعَةُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَمَةِ اخْتَصَمَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ مَعَ سَعْدٍ أَخِي عُتْبَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ» الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ «ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةِ بِنْتِ زَمْعَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ» لَمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَحِقَ اللَّهَ - تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُبَيِّنَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَقَالَ بَعْضٌ آخَرُ: إنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: هُوَ لَك أَيْ مِيرَاثٌ مِنْ أَبِيك، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَقُدِّمَتْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» هُوَ قَضَاءٌ بِالْمَلْكِ لِعَبْدٍ لِكَوْنِهِ وَلَدَ أَمَةِ أَبِيهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِنَسَبِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ «قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِبِنْتِ زَمْعَةَ أَمَّا أَنْتِ يَا سَوْدَةُ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَك»
وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» لِتَحْقِيقِ نَفْيِ النَّسَبِ عَنْ عُتْبَةَ لَا لِإِلْحَاقِهِ بِزَمْعَةَ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ إقْرَارَ الْوَرَثَةِ بِبُنُوَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ الْأَبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَ السَّبَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ (غَرِيبَةٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِيهِ بِسَبَبِ تَصْحِيفٍ أَوْ تَحْرِيفٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ هَذَا أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ حَرْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute