للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ (أَمْرٌ بِجُزْئِيٍّ) مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُجُودُ، وَلَا وُجُودَ لِلْمَاهِيَّةِ، وَإِنَّمَا تُوجَدُ جُزْئِيَّاتُهَا فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِهَا أَمْرًا بِجُزْئِيٍّ لَهَا (وَلَيْسَ) قَوْلُهُمَا ذَلِكَ (بِشَيْءٍ) لِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ بِوُجُودِ جُزْئِيَّاتِهَا؛ لِأَنَّهَا جُزْؤُهُ وَجُزْءُ الْمَوْجُودِ مَوْجُودٌ (وَقِيلَ) أَمْرٌ (بِكُلِّ جُزْئِيٍّ) لَهَا لِإِشْعَارِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالتَّعْمِيمِ (وَقِيلَ: إذَنْ فِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ أَنْ يَفْعَلَ وَيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِوَاحِدٍ.

ــ

[حاشية العطار]

جُزْئِيَّاتِ الْمَاهِيَّةِ لَا بِالْكُلِّيِّ الْمُشْتَرَكِ فَالْمَطْلُوبُ بِاضْرِبْ مَثَلًا فِعْلٌ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الضَّرْبِ مِنْ حَيْثُ مُطَابِقًا لِلْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ يَسْتَحِيلُ وُجُودُهَا فِي الْأَعْيَانِ، وَضُعِّفَ ذَلِكَ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَبِشَرْطِ لَا شَيْءَ، وَلَا بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَطْلُوبُ الْمَاهِيَّةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ الْجُزْئِيَّةِ، وَلَا بِقَيْدِ الْكُلِّيَّةِ، وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ تَجَرُّدُهَا إلَّا فِي ضِمْنٍ جُزْئِيٍّ، وَذَلِكَ كَافٍ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ نَعَمْ ابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ: إنَّ الْمَاهِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا بِالْمُطَابَقَةِ، وَلَمَّا تَوَقَّفَ وُجُودُهَا عَلَى جُزْئِيٍّ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْئِيُّ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُ وُجُودِهَا عَلَيْهِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْمُطْلَقِ جُزْئِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُطَابَقَةِ اهـ.

وَفِيهِ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَا يُنْكِرُ كَوْنَ الْمَاهِيَّةِ مَطْلُوبَةً أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْجُزْئِيَّاتِ الْخَارِجِيَّةِ لَا بِالْمَاهِيَّاتِ الْكُلِّيَّةِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ كَالْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ فِي تَحْرِيرِهِ مَنَعَ الْوَضْعَ بِالْكُلِّيَّةِ لِلْمَاهِيَّاتِ، وَقَالَ: إنَّ الْمَوْضُوعَ لَهُ إنَّمَا هُوَ الْأَفْرَادُ إلَّا فِي عِلْمِ الْجِنْسِ عَلَى رَأْيٍ فِيهِ كَانَ الْمَطْلُوبُ قَصْدًا هُوَ الْجُزْئِيُّ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْكَمَالِ بْنِ الْهَمَّامِ فَالْمَطْلُوبُ أَوَّلًا هُوَ الْجُزْئِيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ لَهُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِهَذَا عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ دُونَ مَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْوَحْدَةِ دُونَ الْمَاهِيَّةِ فَالْمَقْصُودُ الْوَحْدَةُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ. . . إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ: الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَالسَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكُلِّيَّ مُطَابِقًا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ مِنْ الْخَارِجِ؛ إذْ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ مُعَيَّنٌ مُشَخَّصٌ لَا يَقْبَلُ الشَّرِكَةَ فَالْحُكْمُ بِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ، وَهَمٌ صِرْفٌ اهـ. أَقُولُ: الْإِنْصَافُ أَنَّ هَذَا اعْتِسَافٌ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ حَتَّى قِيلَ بِوُجُودٍ مَا اسْتِقْلَالًا، وَقَدْ نَقَلَ الْفَاضِلُ الدَّوَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ عِبَارَةَ ابْنِ سِينَا فِي الْإِشَارَاتِ وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ، فَلَا يَلِيقُ أَنْ تُذْكَرَ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي حَوَاشِي الْخَبِيصِيِّ وَحَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: أَمْرٌ بِكُلِّ جُزْئِيٍّ لَهَا) أَيْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِكُلٍّ مِنْهَا بَلْ مَعْنَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ خِصَالِهِ كُلِّهَا لَا يُقَالُ فَيَتَّحِدُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَاحِدُهُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ إذْ الْوَاجِبُ ثَمَّ الْأَحَدُ الْمُبْهَمُ الصَّادِقُ بِكُلِّ جُزْئِيٍّ عَلَى الْبَدَلِ، وَهُنَا الْوَاجِبُ كُلٌّ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ لَكِنْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَنْ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ احْتِمَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>