للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَانَ ذَكَرَيْنِ، قِيلَ: لَا تَطْلُقُ نَظَرًا لِلتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالتَّوْحِيدِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ اهـ.

وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ إنْ اُعْتُبِرَ فِي اللَّفْظِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ سُمِّيَ مُطْلَقًا وَاسْمَ جِنْسٍ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ مَعَ قَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ سُمِّيَ نَكِرَةً وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ يُنَكِّرَانِ الْأَوَّلَ فِي مُسَمَّى الْمُطْلَقِ مِنْ أَمْثِلَتِهِ الْآتِيَةِ وَنَحْوِهَا وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ فَيَدُلُّ عِنْدَهُمَا عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ؛ إذْ لَا وُجُودَ لِلْمَاهِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ بِالْمُطْلَقِ لِمُقَابَلَةِ الْمُقَيَّدِ وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ فِي النَّقْلِ عَنْ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَمَّا قَالَاهُ مِنْ التَّعْرِيفِ إلَى لَازِمِهِ السَّابِقِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْبِنَاءِ.

(وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ هُنَا، وَهُوَ مَا زَعَمَاهُ مِنْ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (قَالَا: الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ)

ــ

[حاشية العطار]

أَيِّ فَرْدٍ كَانَ، وَإِنْ حَصَلَ التَّعْيِينُ وَالشُّرُوعُ مِنْ خَارِجٍ مَثَلًا الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي فِي نَفْسِهِ وُجُوبَ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ، وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالْفَوْرَ وَالتَّرَاخِيَ إلَّا مِنْ خَارِجٍ، وَقَدْ يُعَرَّفُ الْمُطْلَقُ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ أَمْرٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَأَرَادُوا بِالْأَمْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَفْهُومَ الْمُطْلَقَ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْحِصَصُ الْمَذْكُورَةُ اهـ.

وَبِهِ تَعْلَمُ تَرْجِيحَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَإِنْ قَالَاهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِأُسْلُوبِ الْأُصُولِيِّينَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي قَوَاعِدِ اسْتِنْبَاطِ أَحْكَامِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالتَّكْلِيفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَفْرَادِ دُونَ الْمَفْهُومَاتِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ أُمُورٌ عَقْلِيَّةٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اخْتَلَفُوا) حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ (قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْحَمْلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ فَإِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى احْتِمَالَيْنِ فِي الْفَتْوَى لَا يُعَيِّنُ أَنَّ مَدْلُولَ الْمُطْلَقِ مَا هُوَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَبْحَثِ (قَوْلُهُ: وَاحِدٌ) أَيْ إنَّ الْوَاضِعَ وَضَعَهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ وَالْفَرْدِ فَلَا يَتَمَيَّزَانِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْمُعْتَبَرِ وَاسْتِعْمَالِهِ

(قَوْلُهُ: إنْ اُعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ اعْتَبَرَهُ الْوَاضِعُ كَذَا قَالَ النَّاصِرُ: وَقَدْ يُقَالُ: اعْتِبَارُ الْوَاضِعِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّكِرَةِ وَالْمُطْلَقِ فَالْأَوْفَقُ بِالنَّظَرِ مَذْهَبُهُمَا (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِقَاقِ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ وَرَجُلٍ وُضِعَ لِفَرْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مَعَ تَضْعِيفِهِ مِمَّا سَيَأْتِي إنَّ الْمُطْلَقَ الدَّالَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَأَنَّ مَنْ زَعَمَ دَلَالَتَهُ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ تَوَهَّمَهُ النَّكِرَةَ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِاسْمِ الْجِنْسِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْمُطْلَقِ نَظَرًا لِلْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ اعْتِبَارُ الْمَاهِيَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ، وَهِيَ أَحْسَنُ بِدَلِيلِ وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلَانِهِ الثَّانِيَ) أَيْ ذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ) فِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مُوجِبَ لِاعْتِبَارِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَوَّلًا، وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَالْوَحْدَةُ ضَرُورِيَّةٌ، وَتَفْرِيعُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ،.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْوَحْدَةَ ضَرُورِيَّةٌ عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَى الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ (قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةِ) قَيَّدَ بِهِ مَعَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَعَمُّ لِلدُّخُولِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ كَوْنُ الْمُطْلَقِ يَدُلُّ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ

(قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ) إذْ لَا دَلِيلَ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ بِالْمُطْلَقِ) أَيْ مَعَ دَلَالَتِهِ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ (قَوْلُهُ: لِمُقَابَلَةِ الْمُقَيَّدِ) وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى الْوَحْدَةِ مِنْ كَثْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إلَى لَازِمِهِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي عَدَلَ إلَيْهِ الدَّلَالَةُ، وَهِيَ خَارِجَةٌ فَلَا لُزُومَ نَعَمْ الْوَحْدَةُ لَازِمَةٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ لَازِمٌ لِلْكُلِّ، وَالْوَحْدَةُ الشَّائِعَةُ بَعْضُ مَعْنَى النَّكِرَةِ وَبَعْضُ مَعْنَى الشَّائِعِ (قَوْلُهُ: لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِنَاءً وَاضِحًا وَإِلَّا فَالتَّعْرِيفُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا) جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ أَيْ وَعَدَمُ تَعَرُّضِهِمَا لَهُ فِي الذِّكْرِ لَا يُنَافِي أَنَّهُمَا ارْتَكَبَاهُ فِي الْوَاقِعِ بِمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مَنْشَؤُهُ زَعْمُهُمَا الْمَذْكُورُ.

(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَالْأَمْرُ بِالْمُطْلَقِ أَمْرٌ بِجُزْئِيٍّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>