للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَالثَّانِي بِمَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ وَخَرَجَ الدَّالُّ عَلَى شَائِعٍ فِي نَوْعِهِ نَحْوُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ أُسْلُوبٌ الْمَنْطِقِيِّينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَكَذَا الْفُقَهَاءُ

ــ

[حاشية العطار]

كُلِّيٍّ، وَقَوْلُ الْآمِدِيِّ: إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ بِنَحْوِ مَعْنَاهُ لَا أَنَّ مُرَادَهُ النَّكِرَةُ الْمَحْضَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: إنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: نَكِرَةً عَنْ الْمَعَارِفِ، وَعَمَّا مَدْلُولُهُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ أَوْ عَامٌّ مُسْتَغْرِقٌ ثُمَّ تَصْرِيحُهُ بِأَنَّ النَّكِرَةَ تَخْرُجُ بِالِاسْتِغْرَاقِ عَنْ التَّنْكِيرِ؛ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّهَا إنَّمَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا نَكِرَةً مَحْضَةً لَا أَنَّهَا تَصِيرُ مَعْرِفَةً (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الدَّالُّ عَلَى شَائِعٍ فِي نَوْعِهِ نَحْوُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَلَا يَكُونُ نَكِرَةً يَعْنِي مَحْضَةً، وَإِلَّا فَهِيَ نَكِرَةٌ مُقَيَّدَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: أُسْلُوبُ الْمَنْطِقِيِّينَ) فِيهِ أَنَّ الْمَنَاطِقَةَ لَا بَحْثَ لَهُمْ عَنْ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي مَبْحَثِ الْقَضَايَا: إنَّ مَوْضُوعَ الْقَضِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَانَتْ طَبِيعِيَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةَ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَانَتْ جُزْئِيَّةً، وَلَا بَحْثَ لَهُمْ عَنْ مَدْلُولِ النَّكِرَةِ مَا هُوَ، وَلَا الْمُطْلَقِ مَا هُوَ وَأُسْلُوبُهُمْ هَذَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَالْأُصُولِيُّونَ فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيَّ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِكَلَامِ غَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ وَقَعَ الِاصْطِلَاحُ مِنْهُمْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَقَامَ الْعَلَّامَةُ طَاشْ كُبْرَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ قَالَ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَلَّفَهَا فِي بَيَانِ أَقْسَامِ النَّظْمِ: إنَّ الْمُطْلَقَ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الْحِصَّةُ عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ كَوْنَهُ حِصَّةً مُحْتَمَلَةً عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لِحِصَصٍ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ شُمُولٍ، وَلَا تَعْيِينٍ وَأَرَادُوا بِالِاحْتِمَالِ إمْكَانَ صِدْقِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْحِصَصِ

وَمَا يُقَالُ: إنَّ فِي إطْلَاقِ الْحِصَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى رَدِّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْقَوْمِ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْرَادِ دُونَ الْمَفْهُومَاتِ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ هُوَ حَالَةُ اعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ وُجُودِهِ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ لِتُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الِاعْتِبَارَيْنِ، وَالْفَائِدَةُ فِي وَضْعِهِ لِمُطْلَقِ الْحَقِيقَةِ هِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْوَارِدَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْبَعْضِ وَلَا عَامٍّ لِلْكُلِّ، وَحَاصِلَةُ تَمَكُّنُ الْمَأْمُورِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِفَرْدٍ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>