للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِغَيْرِ صَارِفٍ وَتَوْجِيهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ نَفْيَ الْعِتْقِ عَنْ غَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِلْأَصْلِ الْمَعْقُولِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا عِتْقَ بِدُونِ إعْتَاقٍ خُولِفَ هَذَا الْأَصْلُ فِي الْأُصُولِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى صِيغَةِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي الْفُرُوعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ، وَالْحَدِيثُ - قَالَ النَّسَائِيّ - مُنْكَرٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ لَا يُتَابَعُ ضَمُرَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَطَّاءٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ نَعَمْ رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ضَمُرَةَ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَنَحْتَاجُ نَحْنُ حِينَئِذٍ إلَى بَيَانِ مُخَصِّصٍ لَهُ بِخِلَافِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: يُخَصِّصُهُ الْقِيَاسُ عَلَى النَّفَقَةِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ عِنْدَنَا لِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ (وَالسَّارِقُ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ) أَيْ وَمِنْ الْبَعِيدِ تَأْوِيلُ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ وَغَيْرِهِ حَدِيثَ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» (عَلَى) بَيْضَةٍ (الْحَدِيدُ) أَيْ الَّتِي فَوْقَ رَأْسِ الْمُقَاتِلِ، وَعَلَى حَبْلِ السَّفِينَةِ لِيُوَافِقَ أَحَادِيثَ اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِي الْقَطْعِ

وَوَجْهُ بُعْدِهِ مَا فِيهِ مِنْ صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ وَالْحَبْلِ الْمَعْهُودِ غَالِبًا الْمُؤَيَّدِ إرَادَتُهُ بِالتَّوْبِيخِ بِاللَّعْنِ لِجَرَيَانِ عُرْفِ النَّاسِ بِتَوْبِيخِ سَارِقِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَتَرْتِيبِ الْقَطْعِ عَلَى سَرِقَةِ ذَلِكَ لِجَرِّهَا إلَى سَرِقَةِ غَيْرِهَا مِمَّا يُقْطَعُ فِيهِ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ (وَبِلَالٌ يَشْفَعُ الْأَذَانَ) أَيْ وَمِنْ الْبَعِيدِ تَأْوِيلُ بَعْضِ السَّلَفِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرَ بِلَالٌ أَيْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» كَمَا فِي النَّسَائِيّ «أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» (عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ شَفْعًا

ــ

[حاشية العطار]

وَالْأُمَّهَاتِ وَالْبَنِينَ وَعَلِمَ تَخْصِيصَهُمْ بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ لَنَصَّ عَلَيْهِمْ اهـ. بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: لِلْأَصْلِ) أَيْ لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى وَالْعِلَّةِ

(قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْمِلْكِ غَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتِقُهُ) أَيْ بِالشِّرَاءِ قَدْ يُقَالُ: اللَّفْظُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُسْتَفَادٌ بِوَاسِطَةِ قَرَائِنَ خَارِجِيَّةٍ كَحَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَرِوَايَةِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْفُرُوعِ) أَيْ وَقَوْلِي فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ إلَخْ) أَيْ عَلَى نَفْيِ اسْتِمْرَارِ اجْتِمَاعِ إلَخْ وَإِلَّا فَاجْتِمَاعُ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ مَوْجُودٌ فِي شِرَاءِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَأُورِدَ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْوَلَدِيَّةِ عَبْدِيَّةُ الْإِيجَادِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِ عَبْدِيَّةِ الرِّقِّ مَعَ الْوَلَدِيَّةِ، فَالدَّلِيلُ إقْنَاعِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: مُنْكَرٌ) أَيْ مِنْ طَرِيقِ ضَمُرَةَ وَقَوْلُهُ: وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ: لَا يُتَابَعُ ضَمُرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ فِي طَرِيقِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ طَرِيقِ ضَمُرَةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَطَّاءٌ) أَيْ ضَمُرَةُ خَطَّاءٌ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ كَثِيرُ الْخَطَأِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَمَا كَانَ عَنْهُ مُخَلِّصٌ، وَلَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَنَحْتَاجُ نَحْنُ) هَذَا رُجُوعٌ عَلَى أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى عِتْقِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عُمُومُ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُخَصِّصٍ، وَهَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّفَقَةِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَقٌّ لِلْقَرَابَةِ

(قَوْلُهُ: السَّارِقُ) هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالرَّفْعِ؛ وَلِهَذَا غُيِّرَ الْأُسْلُوبُ فَلَمْ يُقَدَّمْ فِيهَا قَوْلُهُ: وَمِنْ الْبَعِيدِ لَكِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: وَمِنْ الْبُعْدِ تَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: وَالسَّارِقُ وَمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: وَبِلَالٌ إلَخْ اهـ. ز.

وَيَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى الْحِكَايَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَمُ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَرُزِقَ حَظْوَةً عِنْدَهُمْ كَانَ دَمِثَ الْأَخْلَاقِ نَدِيمًا مُسَامِرًا لَهُ نَوَادِرُ كَثِيرَةٌ مَعَ الْمَأْمُونِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: الْمُؤَيِّدُ) صِفَةٌ لِمَا يُتَبَادَرُ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِ عُرْفٍ) عِلَّةٌ لِلتَّأْيِيدِ (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ الْقَطْعِ) هُوَ بِالرَّفْعِ وَأَشَارَ بِالْجُمْلَةِ إلَى التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ مُتَضَمِّنًا لِرَدِّ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَلَمَّا حَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ التَّأْوِيلَ الْبَعِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ قَالَ: إنَّهُ بَاطِلٌ قَالَ وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ أُورِدَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ ثُمَّ أَعْلَمَ اللَّهُ بَعْدُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نِصَابٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ) أَيْ الْحَمْلُ عَلَى الْقَطْعِ بِسَبَبِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: أَمْرَ بِلَالٍ أَيْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْآمِرَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>