للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَنَّ الْمَظْنُونَ يُبَيِّنُ الْمَعْلُومَ) وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ فِي مَحَلِّهِ حَتَّى كَأَنَّهُ الْمَذْكُورُ بَدَلَهُ، قُلْنَا لِوُضُوحِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ) الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْبَيَانِ (وَهُوَ الْبَيَانُ) أَيْ الْمُبَيِّنُ، وَالْآخَرُ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ الْبَيَانُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُؤَكَّدُ بِمَا هُوَ دُونَهُ، قُلْنَا: هَذَا فِي التَّأْكِيدِ بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَمَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ فَلَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُمْلَةَ تُؤَكَّدُ بِجُمْلَةٍ دُونَهَا (وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيَانَانِ) الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ كَأَنْ زَادَ الْفِعْلُ عَلَى مُقْتَضَى الْقَوْلِ (كَمَا لَوْ طَافَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بَعْدَ) نُزُولِ آيَةِ (الْحَجِّ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الطَّوَافِ (طَوَافَيْنِ، وَأُمِرَ بِوَاحِدٍ فَالْقَوْلُ) أَيْ فَالْبَيَانُ الْقَوْلُ (وَفِعْلُهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّائِدُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ (نَدْبٌ أَوْ وَاجِبٌ) فِي حَقِّهِ دُونَ أَمَتِهِ (مُتَقَدِّمًا) كَانَ الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ مُتَأَخِّرًا) جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ) الْبَصْرِيُّ الْبَيَانُ هُوَ (الْمُتَقَدِّمُ) مِنْهُمَا كَمَا فِي قِسْمِ اتِّفَاقِهِمَا أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ الْقَوْلَ فَحُكْمُ الْفِعْلِ كَمَا سَبَقَ، أَوْ الْفِعْلَ فَالْقَوْلُ نَاسِخٌ لِلزَّائِدِ مِنْهُ، قُلْنَا: عَدَمُ النُّسَخِ بِمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى، وَلَوْ نَقَصَ الْفِعْلُ عَنْ مُقْتَضَى الْقَوْلِ كَأَنْ طَافَ وَاحِدٌ، وَأُمِرَ بِاثْنَيْنِ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ الْبَيَانَ الْقَوْلُ، وَنَقْصُ الْفِعْلِ عَنْهُ

ــ

[حاشية العطار]

امْتِنَاعَهُ فَتَعْجِيلُ الْبَيَانِ حَاصِلٌ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ طُولُهُ مَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْبَيَانِ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ قَدْ يَطُولُ اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَظْنُونَ) أَيْ الْمَتْنَ دُونَ الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: يُبَيِّنُ الْمَعْلُومَ) أَيْ مَا مَتْنُهُ قَطْعِيٌّ وَهُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ (قَوْلُهُ: قُلْنَا لِوُضُوحِهِ) أَيْ إنَّمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ لِوُضُوحِهِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْبَيَانُ مِنْ الْمَعْلُومِ وَلَيْسَ مُعَارِضًا لَهُ حَتَّى يَمْتَنِعَ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَتَهُ إذْ التَّسَاوِي إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ التَّعَارُضِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ) أَيْ وَالْمُقَارِنَ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنَّمَا تَرَكُوهُ لِقِلَّتِهِ وَخَفَاءِ تَصْوِيرِهِ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ) أَيْ الْوَارِدَيْنِ عَقِبَ مُجْمَلِ تَقَدُّمِهِمَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْبَيَانِ، وَهُمَا مُتَّفِقَانِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْبَيَانِ وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْبَيَانَانِ، وَمِنْ قَوْلِهِ: مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ تَبْعِيضِيَّةٌ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَيَانِيَّةً بِجَعْلِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: الْمُتَّفِقَيْنِ) بِأَنْ لَمْ يَزِدْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُبَيِّنُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ فَإِنَّ الْقَوْلَ أَوْ الْفِعْلَ مُبَيِّنٌ أَيْ دَالٌّ عَلَى الْبَيَانِ لَا نَفْسُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْبَيَانُ) فَوُقُوعُ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْقَوْلِ يَكُونُ لِمُبَادَرَةِ الِامْتِثَالِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الشَّيْءِ لَا يُؤَكَّدُ بِمَا هُوَ دُونَهُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ) كَالتَّأْكِيدِ بِلَفْظِ كُلٍّ مَثَلًا فِي جَاءَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهُ فِي الشُّمُولِ وَالْإِحَاطَةِ أَقْوَى مِنْ لَفْظِ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِالْمُسْتَقِلِّ) كَالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فَإِنَّ الْفِعْلَ مُسْتَقِلٌّ، وَكَذَا الْقَوْلُ فَيَصِحُّ تَأْكِيدُ الْفِعْلِ الْأَقْوَى بِالْقَوْلِ الْأَدْوَنِ (قَوْلُهُ: تُؤَكَّدُ بِجُمْلَةٍ دُونَهَا) كَقَوْلِك: إنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، زَيْدٌ قَائِمٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ زَادَ) أَيْ أَوْ نَقَصَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الزِّيَادَةِ رِعَايَةً لِمِثَالِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا مَثَّلَ لَهَا، وَهُوَ مَثَلٌ لِلنَّقْصِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي مَثَّلَ لَهَا الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: آيَةِ الْحَجِّ) أَيْ الْآمِرَةِ بِهِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] إلَخْ فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الطَّوَافِ فِي قَوْلِهِ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ ذَلِكَ آيَةُ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: عَلَى الزَّائِدِ) صَادِقٌ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَكِنْ الْأَلْيَقُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي لِيَكُونَ الْأَوَّلُ هُوَ رُكْنَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِحَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَةِ الْمُلْتَبَسِ بِهَا

(قَوْلُهُ: نُدِبَ) أَيْ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ أُمَّتِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي حَقِّهِ دُونَ أُمَّتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ وَاجِبٌ فَقَطْ وَعَبَّرَ بِنُدِبَ لَا بِمَنْدُوبٍ الْمُنَاسِبِ لِوَاجِبٍ رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَأَخِّرًا) أَيْ مُقَارِنًا أَوْ جُهِلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) هُمَا الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ؛ إذْ لَوْ جُعِلَ الْبَيَانُ هُوَ الْفِعْلَ لَلَزِمَ إلْغَاءُ الْقَوْلِ لِزِيَادَةِ الْفِعْلِ عَلَى مُقْتَضَاهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَإِعْمَالُ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ: كَمَا سَبَقَ) أَيْ فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: بِمَا قُلْنَاهُ) أَيْ بِسَبَبِ مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. سم فِيهِ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ الْمَتْنُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>