للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْبَيَانُ) بِمَعْنَى التَّبْيِينِ (إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي) أَيْ الِاتِّضَاحِ فَالْإِتْيَانُ بِالظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ إشْكَالٍ لَا يُسَمَّى بَيَانًا (وَإِنَّمَا يَجِبُ) الْبَيَانُ (لِمَنْ أُرِيدَ فَهْمُهُ) الْمُشْكِلَ (اتِّفَاقًا لِحَاجَتِهِ) إلَيْهِ بِأَنْ يَعْمَلَ بِهِ أَوْ يُفْتِيَ بِهِ خِلَافُ غَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْبَيَانَ (قَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ) كَالْقَوْلِ، وَقِيلَ: لَا لِطُولِ زَمَنِ الْفِعْلِ فَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ بِهِ مَعَ إمْكَانِ تَعْجِيلِهِ بِالْقَوْلِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ امْتِنَاعَهُ (وَ) الْأَصَحُّ

ــ

[حاشية العطار]

لِرَجُلٍ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: الْبَيَانُ) يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمُبَيَّنِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ الْمَدْلُولُ، وَبِمَعْنَى مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيَانُ، وَأَخَذَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ بِمَعْنَى التَّبْيِينِ أَيْ فِعْلِ الْفَاعِلِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إخْرَاجُ الشَّيْءِ إلَخْ فَإِنَّ الْإِخْرَاجَ فِعْلُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ) أَيْ مِنْ مَكَان هُوَ الْإِشْكَالُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: حَيِّزِ التَّجَلِّي وَالْمَكَانُ هُنَا اعْتِبَارِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى بَيَانًا) أَيْ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسَمَّى بَيَانًا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَكَلَامُنَا فِي الِاصْطِلَاحِيَّاتِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: التَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ كَمَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْحَيِّزِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ كَالْحَقِيقَةِ، وَلَعَلَّ الْقَرِينَةَ ذِكْرُ الْإِشْكَالِ، وَالْجَامِعُ الِاشْتِمَالُ فِي كُلٍّ، فَإِنَّ الصِّفَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مَوْصُوفِهَا كَمَا أَنَّ الْمَكَانَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْحَالِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْبَيَانُ) أَيْ عَقْلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِمَنْ أُرِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ يَفْهَمُ الْمُشْكِلَ لِيَعْمَلَ بِهِ، أَوْ يُفْتِي؛ إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ بِدُونِ بَيَانٍ، وَالْفَهْمُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، وَلِلْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتٌ إلَى عَدَمِ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ اهـ. كَمَالٌ.

أَيْ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ لِعَدَمِ الْفَهْمِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَكْلِيفِهِ لَمَا أَوْجَبَ هَاهُنَا الْبَيَانَ لِأَجْلِ الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْمَلَ) أَيْ كَمَا فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُفْتِيَ أَيْ كَمَا فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ أَوْ يَعْمَلَ، وَيُفْتِيَ فَيُعَمِّمَ فِي مِنْ فَيَشْمَلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ

(قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِ الْفِعْلِ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ الْبَيَانَ بِفِعْلِهِ وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ: الْقَصْدُ بِمَا كُلِّفْتُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَفْعَلُهُ ثُمَّ فَعَلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ بَيَانٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَقْرِيبِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْإِشَارَةَ وَالْكِتَابَةَ كَالْفِعْلِ بَلْ قَالَ صَاحِبُ الْوَاضِحِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْبَيَانَ يَقَعُ بِهِمَا اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) أَيْ عَقْلًا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَقْلِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا نُسَلِّمُ امْتِنَاعَهُ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتِ الْفِعْلِ، وَتَأْخِيرُهُ لِغَرَضٍ، وَمِنْهُ سُلُوكُ أَقْوَى الْبَيَانَيْنِ، وَهُوَ الْفِعْلُ لِكَوْنِهِ أَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ وَلَوْ سَلَّمْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>