للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ (إلَى وَقْتِهِ) أَيْ الْفِعْلِ جَائِزٌ (وَاقِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ لَلْمُبَيَّنِ ظَاهِرٌ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُجْمَلِ كَعَامٍّ يُبَيِّنُ تَخْصِيصَهُ، وَمُطْلَقٍ يُبَيِّنُ تَقْيِيدَهُ، وَدَالٍ عَلَى حُكْمٍ يُبَيِّنُ نَسْخَهُ (أَمْ لَا) وَهُوَ الْمُجْمَلُ كَمُشْتَرَكٍ يُبَيِّنُ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ مَثَلًا، وَمُتَوَاطِئٍ يُبَيِّنُ أَحَدَ مَا صَدَقَاتِهِ مَثَلًا، وَقِيلَ يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهُ مُطْلَقًا لِإِخْلَالِهِ بِفَهْمِ الْمُرَادِ عِنْدَ الْخِطَابِ (وَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَمْتَنِعُ) التَّأْخِيرُ (فِي غَيْرِ الْمُجْمَلِ، وَهُوَ مَا لَهُ ظَاهِرٌ) لِإِيقَاعِهِ الْمُخَاطَبَ فِي فَهْمِ غَيْرِ الْمُرَادِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُجْمَلِ (وَرَابِعُهَا يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ) مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ وَهَذَا الْمُطْلَقُ مُقَيَّدٌ، وَهَذَا الْحُكْمُ مَنْسُوخٌ يَدُلُّ الْوُجُودُ الْمَحْذُورُ قَبْلَهُ فِي تَأْخِيرِ الْإِجْمَالِيِّ دُونَ التَّفْصِيلِيِّ لِمُقَارَنَةِ الْإِجْمَالِيِّ

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ صُورَتُهَا أَنْ يُخَاطِبَنَا الرَّسُولُ بِمُجْمَلٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ حَتَّى جَاءَ وَقْتُ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: لِلْمُبَيَّنِ ظَاهِرٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: سَوَاءٌ كَانَ الْمُبَيَّنُ ظَاهِرًا بِحَذْفِ اللَّامِ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُبَيَّنِ إلَخْ) الْمُبَيَّنُ هُوَ الْعَامُّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَالْمُبَيَّنُ الْمُخَصَّصُ الْمَأْخُوذُ مِنْ التَّخْصِيصِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَتَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ كَعَامٍّ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَيَّنِ اللَّفْظُ وَهُوَ نَفْسُهُ ظَاهِرٌ لَا أَنَّ لَهُ ظَاهِرًا وَلَوْ أُرِيدَ بِالْمُبَيَّنِ الْحُكْمُ كَانَتْ عِبَارَتُهُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَعَامٍّ إلَخْ) الْأَوَّلُ كَآيَةِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١]

وَالثَّانِي: كَآيَةِ الْبَقَرَةِ وَالثَّالِثُ كَمَا فِي قَضِيَّةِ الذَّبِيحِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُهُ: يُبَيَّنُ هُوَ فِي مَوَاضِعِهِ الْمَذْكُورَةِ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ مَعْنَيَيْهِ) عَبَّرَ فِيهِ بِالْمُثَنَّى وَفِي الْمُتَوَاطِئُ عَقِبَهُ بِالْجَمْعِ نَظَرًا إلَى الْمَعْهُودِ فِيهِمَا أَوْ إلَى الْغَالِبِ، وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: لِيَنْظُرَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَوَاطِئِ وَالْمُطْلَقِ مِنْ النَّسَبِ عَلَى مُقْتَضَى صَنِيعِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَالْمُتَوَاطِئُ كَذَلِكَ فَأَيْنَ التَّغَايُرُ اهـ.

وَأَقُولُ: أَرَادَ بِصَنِيعِهِ جَعْلَهُ الْمُطْلَقَ مِنْ غَيْرِ الْمُجْمَلِ الَّذِي لَهُ ظَاهِرٌ، وَالْمُتَوَاطِئُ مِنْ الْمُجْمَلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ ثُمَّ أَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَوَاطِئَ أَعَمُّ مِنْ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَشْمَلُ الدَّالَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ يَشْمَلُ غَيْرَهُ أَيْضًا كَالدَّالِّ عَلَى الْفَرْدِ الْمُنْتَشِرِ الَّذِي هُوَ النَّكِرَةُ الَّتِي قَابَلَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الْمُطْلَقَ حَيْثُ قَالَ: وَزَعَمَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ دَلَالَتَهُ عَلَى الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ تَوَهَّمَاهُ النَّكِرَةَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَهُ ظَاهِرٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُجْمَلِ، وَأَنَّ الْمُتَوَاطِئَ لَا ظَاهِرَ لَهُ وَأَنَّهُ مِنْ الْمُجْمَلِ إنَّمَا هُوَ بِالِاعْتِبَارِ بِأَنْ يَكُونَ ظُهُورُ الْمُطْلَقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَوْ فِي ضِمْنِ الْأَفْرَادِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَعَدَمِ ظُهُورِ الْمُتَوَاطِئِ الَّذِي مِنْ أَفْرَادِهِ الْمُطْلَقُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَفْرَادِ الْمُعَيَّنَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَمُطْلَقِ الْأَفْرَادِ فَظَاهِرٌ، وَبِذَلِكَ يُشْعِرُ قَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي أَحَدَ مَاصَدَقَاتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهُ مُطْلَقًا) نَسَبَهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إلَى الصَّيْرَفِيِّ وَالْحَنَابِلَةِ (قَوْلُهُ: لِإِخْلَالِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَلَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالظَّاهِرُ يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْمُرَادِ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيَانِ بِالنَّسْخِ وَمَا فِيهِ فَفُهِمَ دَوَامُ الْحُكْمِ هَذَا، وَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ هَذَا الْقَائِلِ مُقَارَنَةُ التَّخْصِيصِ مَعَ جَوَازِ تَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخِطَابِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَهْمِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُجْمَلِ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْمُجْمَلِ) لِأَنَّا نَقِفُ حَتَّى يُبَيَّنَ فَلَا مَحْذُورَ (قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ كَانَ الظَّاهِرُ الْمُبَيَّنُ بِهِ مُجْمَلًا، وَالْمُجْمَلُ يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ: مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ) بَيَانٌ لِلْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ، وَكَذَا الْمِثَالَانِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْبَيَانُ التَّفْصِيلِيُّ فَكَأَنْ يُقَالَ: مَخْصُوصٌ بِكَذَا وَمُقَيَّدٌ بِكَذَا وَسَيُنْسَخُ فِي وَقْتِ كَذَا (قَوْلُهُ: يُبْدَلُ) مِثَالٌ لَا قَيْدٌ بِدَلِيلِ كَوْنِهِ فِي حَيِّزِ التَّمْثِيلِ فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ؛ إذْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِلَا بَدَلٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمَحْذُورِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: لِمُقَارَنَةِ الْإِجْمَالِيِّ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ دُونَ التَّفْصِيلِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>