للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ) مِمَّا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِهِمَا الْإِجْمَالِيِّ كَالتَّفْصِيلِيِّ كَأَنْ يَقُولَ: الْمُرَادُ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ مَثَلًا فِي الْمُشْتَرَكِ وَأَحَدُ الْمَاصَادَقَاتِ مَثَلًا فِي الْمُتَوَاطِئِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ (وَخَامِسُهَا) يَمْتَنِعُ التَّأْخِيرُ (فِي غَيْرِ النَّسْخِ) لِإِخْلَالِهِ بِفَهْمِ الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ النَّسْخِ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحُكْمِ أَوْ بَيَانٌ لِانْتِهَاءِ أَمَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي

(وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ) الْبَيَانِ فِي (النَّسْخِ اتِّفَاقًا) لِانْتِفَاءِ الْإِخْلَالِ بِالْفَهْمِ عَنْهُ لِمَا ذُكِرَ (وَسَادِسُهَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضٍ) مِنْ الْبَيَانِ (دُونَ بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَعْضِ يُوقِعُ الْمُخَاطَبَ فِي فَهْمِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ جَمِيعُ الْبَيَانِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَوَازِ فِي الْكُلِّ أَيْ قِيلَ: عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ لِمَا ذُكِرَ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ وَالْوُقُوعُ وَمِمَّا يَدُلُّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوُقُوعِ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] إلَخْ فَإِنَّهُ عَامٌّ فِيمَا يُغْنَمُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ لِنَقْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] فَإِنَّهَا مُطْلَقَةٌ ثُمَّ بَيَّنَ تَقْيِيدَهَا بِمَا فِي أَجْوِبَةِ أَسْئِلَتِهِمْ، وَفِيهِ تَأْخِيرُ بَعْضِ الْبَيَانِ عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢]

ــ

[حاشية العطار]

يَعْنِي أَنَّ الْبَيَانَ الْإِجْمَالِيَّ لَمَّا قَارَنَ وُرُودَ الْخِطَابِ لَمْ يَمْتَنِعْ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ التَّفْصِيلِيِّ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ، وَهُوَ إيقَاعُ الْمُخَاطَبِ فِي فَهْمِ غَيْرِ الْمُرَادِ بِمُقَارَنَةِ الْإِجْمَالِيِّ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ) وَهُوَ الْإِيقَاعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ فَغَايَةُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الْخِطَابِ عِنْدَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخِطَابُ، وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْفِعْلِ رَفَعَهُ النَّاسِخُ أَوْ بَيَّنَ آخِرَ مُدَّتِهِ فَلَا إخْلَالَ بِوَجْهٍ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي الْمُجْمَلِ وَمَا لَهُ ظَاهِرُ النَّسْخِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ فِي كُلٍّ مِنْهَا فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ تَدْرِيجًا بِأَنْ يُؤْتَى بِبَعْضٍ مِنْهُ كَبَعْضِ مُخَصَّصَاتِ الْعَامِّ وَبَعْضِ مُقَيَّدَاتِ الْمُطْلَقِ مُقَارَنًا لِلْخِطَابِ ثُمَّ يُؤْتَى بِالْبَعْضِ الْآخَرِ بَعْدَ مُدَّةٍ قَبْلَ وَقْتِ الْفِعْلِ أَوْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَى وَقْتِهِ وَاقِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ رُجُوعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَدُلُّ فِي الْمَسْأَلَةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْأَقْوَالُ السِّتَّةُ، وَهِيَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ: وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إلَخْ فَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْقَوْلِ السَّادِسِ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْوُقُوعِ أَيْ فِي الْكُلِّ وَالْبَعْضِ قَوْلُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١] جَعْلُ هَذِهِ الْآيَةِ لِلْوُقُوعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فِي الْجَوَازِ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوُقُوعِ

(قَوْلُهُ: لِنَقْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَأَخُّرَ الْخَاصِّ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ نَسْخٌ أَنَّ الْحَدِيثَ نَاسِخٌ لِلْآيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِحُكْمِ السَّلْبِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ وَهُوَ وَقْعَةُ بَدْرٍ وَقِسْمَةُ غَنِيمَتِهَا وَأَمَّا مَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِسَلْبِ أَبِي جَهْلٍ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا وَالْمَقْصُودُ بِالتَّمْثِيلِ تَخْصِيصُ الْآيَةِ بِمُخَصَّصٍ عَامٍّ لِكُلِّ سَلَبٍ فَلَا يَرِدُ. (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِيهِ تَأْخِيرُ الْكُلِّ فَإِنْ قِيلَ: مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى تَأْخِيرِ بَيَانِ الْبَقَرَةِ عَنْ الْخِطَابِ الْأَمْرُ بِالذَّبْحِ يُوجِبُ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَى ذَبْحِهَا حِين أُمِرُوا بِالذَّبْحِ أُجِيبَ بِمَنْعِ احْتِيَاجِهِمْ إلَى الذَّبْحِ عِنْدَ وُرُودِ الْخِطَابِ كَيْفَ وَالْأَمْرُ لَا يُوجِبُ الْفَوْرَ فَلَا يَكُونُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَّا تَأْخِيرًا عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ، وَأُورِدَ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بَقَرَةٌ مَا لَا الْمُعَيَّنَةُ فَلَا نَحْتَاجُ لِبَيَانٍ فَتَأَخَّرَ فَإِنَّ بَقَرَةً نَكِرَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي بَقَرَةٍ مَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَوْ ذَبَحُوا أَيَّةَ بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>