للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بِأَنَّ التَّأْبِيدَ فِيمَا قَبْلَهُ لِلْفِعْلِ، وَفِيهِ لِلْوُجُوبِ وَالِاسْتِمْرَارِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ غَيْرُهُ بِمَا قَالَهُ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْإِنْشَاءِ هُوَ مُرَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِذِكْرِهِ مَنْعَ نَسْخِ الْخَبَرِ بَعْدَ ذَلِكَ.

(وَ) وَيَجُوزُ (نَسْخُ) إيجَابِ الْإِخْبَارِ بِشَيْءٍ (بِإِيجَابِ الْإِخْبَارِ بِنَقِيضِهِ) كَأَنْ يُوجِبَ الْإِخْبَارَ بِقِيَامِ زَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَ قِيَامِهِ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِقِيَامِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى عَدَمِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُخْبَرُ بِهِ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ فَمَنَعَتْ الْمُعْتَزِلَةُ مَا ذُكِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِالْكَذِبِ فَيُنَزَّهُ الْبَارِي عَنْهُ، قُلْنَا: قَدْ يَدْعُو إلَى الْكَذِبِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فَلَا يَكُونُ التَّكْلِيفُ فِيهِ نَقْصًا وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَمَاكِنَ يَجِبُ فِيهَا الْكَذِبُ مِنْهَا إذَا طَالَبَهُ ظَالِمٌ الْوَدِيعَةِ أَوْ بِمَظْلُومٍ

ــ

[حاشية العطار]

فَإِنْ كَانَ عَنْ مَاضٍ فَلَا يَتَأَتَّى نَسْخُهُ وَإِنْ كَانَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بِأَنَّ التَّأْبِيدَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمَنْعِ وَقَوْلُهُ: وَالِاسْتِمْرَارُ لَا أَثَرَ لَهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَرْقَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِمْرَارُ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لَهُ خَبَرٌ أَيْ لَا أَثَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: قَيْدٌ لِلْفِعْلِ) أَيْ لِلْفِعْلِ الْوَاجِبِ فَجَازَ نَسْخُ حُكْمِهِ، وَقَوْلُهُ: قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ وَالِاسْتِمْرَارِ أَيْ لِلْحُكْمِ فَلَا يَجُوزُ نَسْخُهُ عِنْدَ الْفَارِقِ وَقَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لَهُ أَيْ وَالْفَرْقُ بِمَا ذُكِرَ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: الصَّوْمُ وَاجِبُ الْفِعْلِ كَالْأَوَّلِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَكَالتَّأْبِيدِ غَيْرُهُ فِيمَا ذُكِرَ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ الْفَرْقِ بِكَوْنِ التَّأْبِيدِ قَيْدًا لِلْوُجُوبِ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَبَرَ، وَهُوَ حِينَئِذٍ مَحَلُّ وِفَاقٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) أَيْ الصَّوْمُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرًّا أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ الصَّوْمُ وَاجِبٌ إلَخْ بِالْإِنْشَاءِ هُوَ مُرَادُهُ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لَذَكَرَهُ) أَيْ ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْإِنْشَاءِ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ لِانْدِرَاجِ هَذَا حِينَئِذٍ فِي الْإِخْبَارِ.

(قَوْلُهُ: إيجَابُ الْإِخْبَارِ إلَخْ) الْإِيجَابُ إنْشَاءٌ فَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِكَوْنِ الْخَبَرِ لَا يُنْسَخُ أَوْ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِإِيجَابِ الْإِخْبَارِ بِنَقِيضِهِ) خَرَجَ مُجَرَّدُ نَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابِ الْإِخْبَارِ بِنَقِيضِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَخْبِرُوا عَنْ الْعَالَمِ بِأَنَّهُ حَادِثٌ قَالَ لَا تُخْبِرُوا عَنْهُ بِشَيْءٍ أَلْبَتَّةَ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بِعَدَمِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يُوجِبُ الْإِخْبَارَ بِعَدَمِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِقِيَامِهِ) وَإِلَّا كَانَ حُكْمًا آخَرَ وَلَا نَسْخَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَمَّ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَتَأَخَّرَ حَالُهُ) أَيْ وَالْإِخْبَارُ تَابِعٌ لِتَغَيُّرِ حَالِهِ وَمُرَادُهُ تَصْحِيحُ أَنَّ الْقَضِيَّتَيْنِ صَادِقَتَانِ كَأَنْ يَقُولَ أَوْجَبْت عَلَيْك أَنْ تُخْبِرَ بِأَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوز أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ قَبْلَ الْإِخْبَارِ فَتَقُولُ: أَوْجَبْت عَلَيْك أَنْ تُخْبِرَ بِأَنَّ زَيْدًا غَيْرُ قَائِمٍ لَا بِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَقُمْ؛ إذْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقُمْ فِيمَا مَضَى، وَمِنْ جُمْلَتِهِ حَالَ الْإِخْبَارِ بِإِيجَابِ الْقِيَامِ فَيَتَنَاقَضُ الْكَلَامَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِالْكَذِبِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْإِخْبَارَ الْمَذْكُورَ كَذِبٌ، وَالتَّكْلِيفُ بِالْكَذِبِ قَبِيحٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ عِنْدَنَا اهـ. سم.

وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَالتَّكْلِيفُ بِالْكَذِبِ قَبِيحٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَيُنَزِّهُ الْبَارِئُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ نَتِيجَةُ قِيَاسٍ طُوِيَتْ كُبْرَاهُ وَهِيَ وَالتَّكْلِيفُ بِالْكَذِبِ قَبِيحٌ

(قَوْلُهُ: قَدْ يَدْعُو الْكَذِبُ إلَخْ) هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ وَإِرْخَاءِ الْعِنَانِ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ - سُبْحَانَهُ - لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ (قَوْلُهُ: غَرَضٌ صَحِيحٌ) أَيْ يَعُودُ إلَى الْخَلْقِ، وَإِلَّا فَاَللَّهُ - تَعَالَى - مُنَزَّهٌ عَنْ الْأَغْرَاضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ التَّكْلِيفُ بِهِ نَقْصًا) أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لِمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>