للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَّأَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إنْكَارُهُ ذَلِكَ، وَجَازَ لَهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْكَذِبِ، وَجَبَ (لَا) نَسْخُ (الْخَبَرِ) أَيْ مَدْلُولِهِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْكَذِبَ أَيْ يُوقِعُهُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ حَيْثُ يُخْبِرُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ بِنَقِيضِهِ وَذَلِكَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَقِيلَ) فِي الْمُتَغَيِّرِ (يَجُوزُ إنْ كَانَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ) لِجَوَازِ الْمَحْوِ لِلَّهِ فِيمَا يُقَدِّرُهُ قَالَ تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] وَالْأَخْبَارُ يَتْبَعُهُ بِخِلَافِ الْخَبَرِ عَنْ مَاضٍ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْبَيْضَاوِيُّ وَقِيلَ: يَجُوزُ عَنْ الْمَاضِي أَيْضًا لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ لَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ يَقُولُ: لَبِثَ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ مُبَيَّضَةِ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةُ، وَقِيلَ بَعْدُ: يَجُوزُ الْمُفِيدُ مَا قَبْلَهَا حِينَئِذٍ لِحِكَايَتِهِ.

(وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِبَدَلٍ أَثْقَلَ) وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ:

ــ

[حاشية العطار]

مُتَضَمِّنٌ لِلْكَذِبِ اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: خَبَّأَهُ) أَيْ سَتَرَهُ وَبَابُهُ قَطَعَ (قَوْلُهُ: أَيْ مَدْلُولِهِ) وَأَمَّا نَفْسُ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ فَيَجُوزُ نَسْخُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَازِ نَسْخِ التِّلَاوَةِ وَأَيْضًا الْخَبَرُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْأَخْبَارِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ نَسْخِهِ (قَوْلُهُ: يُوهِمُ الْكَذِبَ) أَيْ يُحَقِّقُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْ يُوقِعُهُ إلَخْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ضِدَّ التَّحْقِيقِ، وَأَوْرَدَ أَنَّ نَسْخَ الْإِنْشَاءِ يُوهِمُ الْبَدَاءَ أَيْ ظُهُورَ الْأَمْرِ بَعْدَ خَفَائِهِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَيْهِ - تَعَالَى، فَلَوْ كَانَ الْإِيهَامُ مُعْتَبَرَ الْمَنْعِ مِنْ نَسْخِ الْإِنْشَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ فِي الْخَبَرِ أَشَدُّ، وَفِي كُلِّيَّاتِ أَبِي الْبَقَاءِ اخْتَلَفُوا فِي الْإِخْبَارِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ كَدُخُولِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ وَالْكَافِرِينَ النَّارَ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ قَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْأُصُولِ: لَا يُحْتَمَلُ النَّسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْفِ فِي الْخَبَرِ وَتَحَقُّقِ الْمُخْبَرِ بِهِ فِي خَبَرِ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ وَالْخَلْفُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَالنَّسْخُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْجَائِزَاتِ فَلَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي مَفْهُومِ الْخَبَرِ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْخَبَرِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُكْمًا شَرْعِيًّا وقَوْله تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] قِيلَ يَمْحُو مِنْ دِيوَانِ الْحَفَظَةِ مَا لَيْسَ بِحَسَنَةٍ، وَلَا سَيِّئَةٍ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَسْخِ الْخَبَرِ الْمَحْضِ، وَإِنَّمَا جَازَ النَّسْخُ فِي الْخَبَرِ مِنْ جِهَةِ التِّلَاوَةِ دُونَ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْمَحْوِ لِلَّهِ - تَعَالَى - فِيمَا يُقَدِّرُهُ) أَيْ مِنْ الْمُعَلَّقَاتِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] لَا الْمُحْتَمَّاتِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: ٣٩] أَيْ عِلْمُهُ تَعَالَى الْأَزَلِيُّ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْمَحْوَ وَالْإِثْبَاتَ أَوْ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صُورَةُ مَا سَبَقَ بِهِ الْعِلْمُ الْقَدِيمُ مِنْ الْمُبْرَمَاتِ وَلِذَا سُمِّيَ مَحْفُوظًا أَيْ مِنْ الْمَحْوِ بِخِلَافِ أَلْوَاحِ الْمَحْوِ وَالْإِثْبَاتِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا الْمُعَلَّقَاتُ، وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَوْحًا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي عِبَارَاتِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ بِصَحَائِفِ الْحَفَظَةِ (قَوْلُهُ يَتْبَعُهُ) أَيْ الْمَحْوُ أَيْ إذَا مَحَى اللَّهُ شَيْئًا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُخْبِرَ بِمَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) إنْ أَرَادَ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِأَلْفِ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَبِثَ أَلْفَ سَنَةً؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْأَقَلِّ لَا يُنَافِي الْأَكْثَرَ فَمُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ فِي كَوْنِهِ نَسْخًا نَظَرٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَلْبَثْ إلَّا الْأَقَلَّ بَعْدَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ لَبِثَ أَلْفَ سَنَةٍ فَفِيهِ إشْكَالٌ لَا يَخْفَى لِتَنَزُّهِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ وَهَذَا وَجْهُ الضَّعْفِ فِي هَذَا الْقَوْلِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ سَقَطَ إلَخْ) فَكَأَنَّ صُورَةَ الْعِبَارَةِ قَبْلَ سُقُوطِ اللَّفْظَةِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ وَالْمَعْنَى، وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَنْ مَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ إنْ كَانَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِهِ حِكَايَةُ الْجَوَازِ فِي الْأَوَّلِ وَتَقْيِيدُهَا بِالْمُسْتَقْبَلِ فِي الثَّانِي حِكَايَةُ هَذَا الْقَوْلِ الْمَزِيدِ فِي الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ: الْمُفِيدُ مَا قَبْلَهَا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ ثُبُوتِ لَفْظَةٍ، وَقِيلَ بَعْدَ قَوْلِهِ يَجُوزُ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

وَالْمُبْيَضَّةُ بِسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اللَّازِمِ وَهُوَ أَبْيَضُ يُقَالُ ابْيَضَّ الشَّيْءُ فَهُوَ مُبَيَّضٌ، وَاللَّازِمُ يَأْتِي مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الصِّلَةِ وَهِيَ هُنَا الْمُضَافُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُتَعَدِّي وَهُوَ بَيَّضْت، وَإِلَّا لَقِيلَ مُبَيَّضَةٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالضَّادِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدُ) نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِيَجُوزَ.

(قَوْلُهُ: بِبَدَلٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى إلَى أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ (قَوْلُهُ: أَثْقَلُ) فَالْمُسَاوِي، وَالْأَخَفُّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِثَالُ الْأَوَّلِ نَسْخُ تَوَجُّهِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>