للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَكْذِيبِهِ لِلْآخَرِ مَجْرُوحًا (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ تَكْذِيبَ الْأَصْلِ الْفَرْعَ لَا يُسْقِطُ الْمَرْوِيَّ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَقُولُ (لَوْ اجْتَمَعَا فِي شَهَادَةٍ لَمْ تُرَدَّ) وَوَجْهُ الْإِسْقَاطِ الَّذِي نَفَى الْآمِدِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ، وَلَا بُدَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْفَرْعُ فَلَا يَثْبُتُ مَرْوِيُّهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا فِي قَضِيَّةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ وَالْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرٍ إنَّمَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إذَا كَانَ عَمْدًا، وَلَوْ اسْتَوْضَحَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَنَاهُ عَلَيْهِ لَسَلِمَ مِنْ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ الْمَبْنِيِّ وَالثَّانِي الَّتِي أَفْهَمَهُمَا بِنَاؤُهُ.

(وَإِنْ شَكَّ) الْأَصْلُ فِي أَنَّهُ رَوَاهُ لِلْفَرْعِ (أَوْ ظَنَّ) أَنَّهُ مَا رَوَاهُ لَهُ (وَالْفَرْعُ) الْعَدْلُ (جَازِمٌ) بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ (فَأَوْلَى الْقَبُولُ) لِلْخَبَرِ مِمَّا جَزَمَ فِيهِ الْأَصْلُ بِالنَّفْيِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبُولِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِمَالِ نِسْيَانِ الْأَصْلِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَبُولِ الْقِيَاسُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ.

وَأُجِيبَ الْفَرْقُ بِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ إذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَوْ ظَنَّ الْفَرْعُ الرِّوَايَةَ وَجَزَمَ الْأَصْلُ بِنَفْيِهَا أَوْ ظَنَّهُ قَالَ فِي الْمَحْصُولِ فِي الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الرَّدُّ، وَفِي الثَّانِي تَعَارَضَا، وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ وَالْأَشْبَهُ الْقَبُولُ.

(وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ) فِيمَا رَوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

سُقُوطِ مَرْوِيِّ الْفَرْعِ فَكَانَ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكُونُ الْفَرْعُ بِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ لَهُ مَجْرُوحًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَكْذِيبِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ تَكْذِيبُ الْفَرْعِ لَهُ

(قَوْلُهُ: بِتَكْذِيبِهِ لِلْآخَرِ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ بِتَكْذِيبِ الْغَيْرِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْإِسْقَاطِ) أَيْ عِلَّتُهُ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهَا الْمَنْظُورُ إلَيْهَا قَصْدًا كَمَا يُنْظَرُ إلَى الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ) أَيْ سَاهٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي إذَا كَانَ عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْفَرْعَ) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَصْلَ فَيَثْبُتُ مَرْوِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ رِوَايَتِهِ مَا رَوَيْتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ سُقُوطُ الْفَرْعِ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا كَاذِبًا لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ: يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ لِعَدَالَتِهِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى خُصُوصِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ) أَيْ الرِّوَايَةُ عَنْ الشَّيْخِ فِي ذَلِكَ أَيْ التَّكْذِيبُ اهـ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ أَيْ التَّكْذِيبُ فِي الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرٍ) ، وَهُوَ تَقْدِيرُ كَذِبِ الْفَرْعِ إذْ عَلَى احْتِمَالِ نِسْيَانِ الْأَصْلِ لَا كَذِبَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَمْدًا) أَيْ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إذْ الْغَرَضُ إنْ كَانَ مِنْهُمَا عَدْلٌ، وَهُوَ لَا يَعْتَمِدُ الْكَذِبَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ:، وَلَوْ اسْتَوْضَحَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ اسْتَدَلَّ كَأَنْ يَقُولَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَا إلَخْ أَوْ يَقُولَ يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَوْ اجْتَمَعَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا بَنَاهُ) ، وَهُوَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَبْنِيِّ) أَيْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقَوْلِهِ وَالثَّانِي أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِسْقَاطِ الْمُقَابِلُ لِلْمُخْتَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُ قَائِلٌ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الَّتِي أَفْهَمَهَا) صِفَةُ الدَّعْوَى وَضَمِيرُ أَفْهَمَهَا يَعُودُ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَبُولِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ) أَيْ عَلَى نَظِيرِهِ كَمَا لَوْ قِيلَ: شَهِدَ فُلَانٌ بِكَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ فَالشَّاهِدُ بِكَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَالشَّاهِدُ عَلَى الشَّهَادَةِ هُوَ الْفَرْعُ فَإِذَا قَالَ الْأَصْلُ لَمْ أُشْهِدْكَ بِكَذَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ:، وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ) أَيْ وَشَرْطُ الْقِيَاسِ مُسَاوَاةُ الْفَرْعِ الْأَصْلَ أَوْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ جَزَمَ الْأَصْلُ بِالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الرَّدُّ) أَيْ رَدُّ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ) أَيْ عَدَمُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْأَصْلِ وَعَدَمُ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ) أَيْ الْأَرْجَحُ الْقَبُولُ لِمَا قَالُوا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ سَهْوَ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ سَمِعَ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِهِ عَمَّا يَسْمَعُ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ اهـ. نَاصِرٌ وَأَيْضًا فِيهِ قِيَاسٌ لِلظَّنَّيْنِ عَلَى الْجَزْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ

<<  <  ج: ص:  >  >>