فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ، وَلَا اتِّحَادُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ التَّعَدُّدُ، وَإِنْ عُلِمَ اتِّحَادُهُ فَثَالِثُ الْأَقْوَالِ الْوَقْفُ عَنْ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ.
وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَ مِثْلُ الْمُرْسِلِينَ أَوْ الْوَاقِفِينَ لَا يَغْفُلُ عَادَةً عَنْ ذِكْرِ الْإِسْنَادِ أَوْ الرَّفْعِ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ فَإِنْ كَانُوا أَضْبَطَ أَوْ صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْإِسْنَادِ أَوْ الرَّفْعِ عَلَى وَجْهٍ يُقْبَلُ كَأَنْ قَالُوا: مَا سَمِعْنَا الشَّيْخَ أَسْنَدَ الْحَدِيثَ أَوْ رَفَعَهُ تَعَارَضَ الصَّنِيعَانِ (وَحَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ) أَيْ يَحْصُلَ التَّعَلُّقُ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ (بِهِ) فَلَا يَجُوزُ حَذْفُهُ اتِّفَاقًا لِإِخْلَالِهِ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ كَأَنْ يَكُونَ غَايَةً أَوْ مُسْتَثْنًى كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُزْهِيَ» وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ» بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيَجُوزُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ كَخَبَرٍ مُسْتَقِلٍّ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلضَّمِّ فَائِدَةٌ تَفُوتُ بِالتَّفْرِيقِ وَقَرُبَ هَذَا مِنْ مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَسَيَأْتِي، مِثَالُهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» .
(وَإِذَا حَمَلَ الصَّحَابِيُّ قِيلَ: أَوْ التَّابِعِيُّ
ــ
[حاشية العطار]
أَيْ الشَّيْخِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْإِسْنَادُ أَوْ الرَّفْعُ الْقَبُولُ أَيْ فَيُقْبَلُ الْإِسْنَادُ أَوْ الرَّفْعُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَحُكْمَهُ أَيْ حُكْمَ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ إسْنَادٍ أَوْ رَفْعٍ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي حَالَةِ تَعَدُّدِ مَجْلِسِ السَّمَاعِ
(قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا مَرَّ اهـ. زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ؛ لِأَنَّ تَوَفُّرَ الدَّوَاعِي إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ دُونَ الْإِسْنَادِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا أَضْبَطَ إلَخْ) تَفْصِيلٌ فِي الرَّابِعِ بِحَسَبِ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: تَعَارَضَ الصَّنِيعَانِ) أَيْ صَنِيعُ الْإِسْنَادِ وَالْإِرْسَالِ أَوْ صَنِيعُ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ فُسِّرَ يَتَعَلَّقُ بِيَحْصُلُ وَجُعِلَ الْفَاعِلُ ضَمِيرُ التَّعَلُّقِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَحَلُّ مَعْنًى اهـ.
ثُمَّ هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَفِي بُنْيَانِهِ لِلْفَاعِلِ تَكَلُّفٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِلْبَعْضِ الْآخَرِ) أَيْ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى الْبَعْضِ الْمَحْذُوفِ فَالْمُتَعَلِّقُ هُوَ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْمَحْذُوفِ وَعَدَمِ تَمَامِهِ فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ إلَّا بِهِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ هُوَ الْمَحْذُوفُ فَإِنْ قُلْت إذَا تَعَلَّقَ الْمَذْكُورُ بِالْمَحْذُوفِ فَالْمَحْذُوفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَذْكُورِ أَيْضًا فَتَصِحُّ نِسْبَةُ التَّعَلُّقِ لَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ نُسِبَ لَهُ لَأَفَادَ أَنَّ الْمَذْكُورَ تَامٌّ وَلَيْسَ لَهُ كَذَلِكَ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكُونَ غَايَةً) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلتَّعَلُّقِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، وَلَا لِلْبَعْضِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّعَلُّقُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ نَفْسُ الْغَايَةِ أَوْ الْمُسْتَثْنَى لَا كَوْنُهُ ذَلِكَ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ كَالْغَايَةِ وَالْمُسْتَثْنَى اهـ. نَاصِرٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَوْ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمُسَبَّبِ التَّعَلُّقِ
(قَوْلُهُ: حَتَّى تُزْهِيَ) بِضَمِّ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ كَذَا قِيلَ، وَفِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَزْهُو بِفَتْحِ التَّاءِ وَبِالْوَاوِ، وَفِي رِوَايَةٍ تُزْهِي تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرُّ وَصَوَّبَ الْخَطَّابِيُّ تُزْهِي دُونَ تَزْهُو قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ تَزْهُو كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ تُزْهِي وَالصَّوَابُ الرِّوَايَتَانِ عَلَى اللُّغَتَيْنِ زَهَتْ تَزْهُو وَأَزْهَتْ تُزْهِي اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ زُهِيَ الْبُرُّ وَأَزْهَى احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ رُوِيَ تَزْهُو وَتُزْهِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَتَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَحَذَفَ بَعْضَ الْخَبَرِ إلَخْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَقَرُبَ هَذَا) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ حَذْفِ الْبَعْضِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَوَجْهُ التَّقْرِيبِ أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِهِ نُكْتَةٌ تَفُوتُ فِي رِوَايَتِهِ بِالْمَعْنَى، وَإِنَّمَا قَالَ قَرُبَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي تَعْلِيلُ مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ حَذَرًا مِنْ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَنْعِ الرِّوَايَةِ) مِنْ جَارَّةٌ وَالْمُرَادُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: مِثَالُهُ) أَيْ مِثَالُ حَذْفِ بَعْضِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَحْرِ) أَيْ فِي شَأْنِهِ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» إلَخْ فَقَدْ حَذَفَ فِي التَّمْثِيلِ صَدْرَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ السُّؤَالُ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ مُقْتَضَاهُ يَسْتَقِلُّ بِإِفَادَةِ طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْبَحْرِ وَحِلِّ مَيْتَتِهِ.
(قَوْلُهُ: قِيلَ: أَوْ التَّابِعِيُّ) ظَاهِرُهُ جَرَيَانُ هَذَا الْقِيلِ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ إلَّا أَنَّ