للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ أَشْهَدُ إنْشَاءً وَكَوْنِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ إخْبَارًا؛ لِأَنَّهُ صِيغَةٌ مُؤَدِّيَةٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى بِمُتَعَلَّقِهِ (وَصِيَغُ الْعُقُودِ كَبِعْتُ) وَاشْتَرَيْت وَزَوَّجْت وَتَزَوَّجْت (إنْشَاءً) لِوُجُودِ مَضْمُونِهَا فِي الْخَارِجِ بِهَا (خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) فِي قَوْلِهِ: إنَّهَا إخْبَارٌ عَلَى أَصْلِهَا بِأَنْ يُقَدِّرَ وُجُودَ مَضْمُونِهَا فِي الْخَارِجِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهَا.

(قَالَ الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (: يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِوَاحِدٍ) فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ (وَقِيلَ: فِي الرِّوَايَةِ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ فِيهِمَا فَإِنَّ الْوَاحِدَ يُقْبَلُ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ (وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ (وَقَالَ الْقَاضِي) أَيْضًا (يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا) أَيْ فِي

ــ

[حاشية العطار]

بِالِاعْتِبَارِ، وَأَحَقُّ بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ:، وَلَا مُنَافَاةَ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَشْهَدَ إنْشَاءً إلَخْ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى التَّعْرِيفِ الْمُتَقَدِّمِ لِلشَّهَادَةِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ لَفْظَ أَشْهَدَ إخْبَارٌ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ الْمَعْنَى) ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ وَقَوْلُهُ بِمُتَعَلَّقِهِ أَيْ، وَهُوَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَشْهَدَ بِكَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى مُقَيَّدٍ وَقَيْدٍ، وَهُوَ الْمَشْهُودُ بِهِ فَمَنْ نَظَرَ لَهُمَا مَعًا قَالَ لَهُ إنْشَاءً تَضَمَّنَ إخْبَارًا وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْقَيْدِ فَقَطْ قَالَ إنَّهُ إخْبَارٌ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْمُقَيَّدِ قَالَ: إنَّهُ إنْشَاءٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) قَالَ الْكَمَالُ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي الْأُصُولِ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ لِأَصْحَابِنَا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا إنْشَاءٌ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّ الشَّارِحُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْهَضُ مُعَارِضًا لِمَا اُشْتُهِرَ مِنْ النَّقْلِ فَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا إخْبَارٌ عَلَى أَصْلِهَا) أَيْ وَارِدَةٌ عَلَى وَصْفِهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَدَّرَ وُجُودُ مَضْمُونِهَا إلَخْ) أَيْ حَتَّى يَصِحَّ صِدْقُ الْخَبَرِ عَلَيْهَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ بَلْ يُقَالُ نُقِلَتْ صِيغَةُ الْخَبَرِ إلَى الْإِنْشَاءِ مَجَازًا، ثُمَّ صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ فَإِنْ أُرِيدَ إلَى الْوُجُودِ فِي الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ إنْشَاءٍ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إلَخْ) مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ لِمَا هُنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَعْقُودَةٌ لِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَالشَّاهِدِ وَالرَّاوِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعَدَالَةِ وَهِيَ تُنْفَى بِالْجَرْحِ وَتَتَحَقَّقُ بِالتَّعْدِيلِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَقْدِيمِ هَذَا الْقَوْلِ وَحِكَايَةُ مَا عَدَاهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ يُشْعِرُ بِاحْتِيَاجِ الْمُصَنِّفِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ الْقَوْلُ الْمُفَصَّلُ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>