للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ سَبِيلَ الشَّخْصِ مَا يَخْتَارُهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَعَدُّ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا اتِّفَاقُهَا عَلَى جَهْلِ مَا كُلِّفَتْ بِهِ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا (وَفِي انْقِسَامِهَا فِرْقَتَيْنِ) فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ (كُلٌّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ (مُخْطِئٌ فِي مَسْأَلَةٍ) مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (تَرَدُّدُ) الْعُلَمَاءِ (مَثَارُهُ هَلْ أَخْطَأْت) نَظَرًا إلَى مَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَمْتَنِعُ مَا ذُكِرَ لِانْتِفَاءِ الْخَطَأِ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ أَوْ لَمْ يُخْطِئْ إلَّا بَعْضُهَا نَظَرًا إلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَرَجَّحَهُ الْآمِدِيُّ وَقَالَ إنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَ) عُلِمَ مِنْ حُرْمَةِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ الَّذِي مِنْ شَأْنِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَنْ لَا يَخْرِقُوهُ (أَنَّهُ لَا إجْمَاعَ يُضَادُّ إجْمَاعًا سَابِقًا خِلَافًا لِلْبَصْرِيِّ) أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْأَوَّلِ مُغَيًّا بِوُجُودِ الثَّانِي

ــ

[حاشية العطار]

لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْجَهْلِ الْبَسِيطِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَكَّبَ يَضُرُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِهِ لَا يَضُرُّ الْجَهْلُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَبِيلَ الشَّخْصِ مَا يَخْتَارُهُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَارُونَ الْجَهْلَ (قَوْلُهُ: عَلَى جَهْلِ مَا كُلِّفَتْ بِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كُلِّفَتْ بِهِ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَقَدْ يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُجْتَهِدِينَ أَحْكَامٌ لَمْ تَكُنْ عَلَى زَمَنِ الصَّحَابَةِ كَمَا وَقَعَ لِلْمُجْتَهِدِينَ فَلَوْ أُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ لَلَزِمَ اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى جَهْلِ مَا كُلِّفَتْ بِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عِلْمُ الْمَسَائِلِ بِالْفِعْلِ.

وَأَمَّا لَوْ اكْتَفَيْنَا بِالْمَلَكَةِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: فِي انْقِسَامِهَا) أَيْ وَفِي جَوَازِ انْقِسَامِهَا فِرْقَتَيْنِ كُلُّ فِرْقَةٍ مُخْطِئَةٌ فِي مَسْأَلَةٍ مُخَالِفَةٍ لِأُخْرَى كَاتِّفَاقِ فِرْقَةٍ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبٌ وَفِي الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَالْفِرْقَةِ الْأُخْرَى عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الْخَطَأِ وَعَدَمِهِ إذَا كَانَ الصَّوَابُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ وَلِلْفَائِتَةِ أَوْ عَدَمَهُ فِيهِمَا فَإِذَا نُظِرَ إلَى مَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَدْ أَخْطَأَتْ الْأُمَّةُ؛ لِأَنَّهَا اتَّفَقَتْ عَلَى مُطْلَقِ خَطَأٍ وَإِذَا نُظِرَ إلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا لَمْ يَكُنْ جَمِيعُهُمْ مُخْطِئًا نَظَرًا إلَى خُصُوصِ الْخَطَأِ فَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى خَطَأٍ بِخُصُوصِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّوَابُ الْوُجُوبُ فِيهِمَا، وَقَالَتْ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ وَبِعَدَمِهِ فِي الْفَائِتَةِ فَقَدْ أَخْطَأَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَائِتَةِ، وَإِذَا قَالَتْ الْأُخْرَى بِالْعَكْسِ فَقَدْ أَخْطَأَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ فَلَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى خَطَأٍ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا نُظِرَ إلَى مَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى مُطْلَقِ خَطَأٍ

(قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى مَجْمُوعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نُظِرَ إلَى مَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُنْضَمَّةً إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى كَانَ الْجَمِيعُ مُخْطِئًا، وَإِذَا نُظِرَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا عَنْ الْأُخْرَى نَجِدُ الْمُخْطِئَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا فَقَطْ هُوَ الْبَعْضُ وَفِي الْأُخْرَى فَقَطْ هُوَ الْبَعْضُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ لُزُومُ كَوْنِ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ مُصِيبًا دَائِمًا وَغَيْرِهِ مُخْطِئًا دَائِمًا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْخَطَأِ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ) فِيهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الضَّلَالَةُ وَخَطَأُ الْأَئِمَّةِ لَيْسَ ضَلَالًا بَلْ هُمْ مَأْجُورُونَ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ وَلَوْ أَخْطَئُوا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْخَطَأَ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ ضَلَالًا (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا إجْمَاعٌ يُضَادُّ إجْمَاعًا) أَيْ لَا يَجُوزُ إجْمَاعٌ عَلَى حُكْمٍ أُجْمِعَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>