للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ تَفَرُّعُهُ عَلَى دَلِيلِهِ لِاسْتِنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي التَّسْمِيَةِ لَا تَخْرُجُ عَمَّا فِي اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْفَرْعَ مَا يَنْبَنِي عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ فِيهَا أَقْرَبُ كَمَا لَا يَخْفَى وَلِكَوْنِ حُكْمِ الْفَرْعِ غَيْرَ حُكْمِ الْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ، وَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ بِالْحَقِيقَةِ صَحَّ تَفَرُّعُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلَيْ الْفَرْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ أَقْوَالِ الْأَصْلِ وَهَذَا اقْتِصَارٌ عَلَى مَا هُوَ الْأَنْسَبُ لِلتَّفْرِيعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِالْأَوَّلِ هُنَا وَبِالثَّانِي فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: صَحَّ تَفَرُّعُهُ عَنْ دَلِيلٍ) لِأَنَّ فَرْعَ الْفَرْعِ فَرْعٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِنَادِ الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فِي التَّسْمِيَةِ) أَيْ فِي مُتَعَلِّقِهَا (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ) أَيْ لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ

(قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ حُكْمِ الْفَرْعِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى تَفَرُّعِ الْحُكْمِ عَنْ الْحُكْمِ ابْتِنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَتَقَدَّمَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُمَا فِي الْوُجُودِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى النَّفْسِيُّ الْقَدِيمُ وَهُوَ وَصْفٌ وَاحِدٌ لَا تَكْثُرُ فِيهِ فَلَا يُوصَفُ بِالتَّأْخِيرِ لِقِدَمِهِ وَلَا بِالتَّغَيُّرِ لِوَحْدَتِهِ، وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي ذَاتِهِ لِكَوْنِهِ صِفَةً وَاحِدَةً لَكِنَّهُ يَتَكَثَّرُ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَهِيَ الْمَحَالُّ فَفِي مَحَلٍّ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِالنَّصِّ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ الْقِيَاسُ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ لِأَمَارَةٍ نَصَبَهَا الشَّارِعُ وَهِيَ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ غَيْرَ حُكْمِ الْفَرْعِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ يَعْنِي فَالتَّغْيِيرُ حَقِيقَتُهُ فِي الْمَحَلِّ لَا فِي الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا إلَخْ يَعْنِي فَالتَّفَرُّعُ حَقِيقَةٌ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ وَفِي عِلْمِ الْمُجْتَهِدِ بِالدَّلِيلِ لَا فِي الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ عِلْمِ الْمُجْتَهِدِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَا يَدُلُّ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا وَبِاعْتِبَارِ عِلْمِ الْمُجْتَهَدِ بِهِ أَيْ بِمَا يَدُلُّ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ بِالْحَقِيقَةِ) فَإِنَّ الْحُكْمَ خِطَابُ اللَّهِ وَهُوَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَلَا تَفَرُّعَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُدُوثَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ قَدِيمٌ لَنَا عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ فَلَا مَانِعَ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا) وَهُوَ دَلِيلُ الْأَصْلِ وَهُوَ النَّصُّ وَدَلِيلُ الْفَرْعِ وَهُوَ الْقِيَاسُ بِاعْتِبَارِ فَهْمِ الْمُجْتَهِدِ وَدُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>