وَإِلَّا فَالْعِلَّةُ فِي الْقِيَاسَيْنِ إنْ اتَّحَدَتْ كَانَ الثَّانِي لَغْوًا أَوْ اخْتَلَفَتْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ مُنْعَقِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَدَفَعَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَظْهَرُ لِلْوَسَطِ الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي مَثَلًا.
فَائِدَةٌ:
كَمَا يُقَالُ: التُّفَّاحُ رِبَوِيٌّ قِيَاسًا عَلَى الزَّبِيبِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ، وَالزَّبِيبُ رِبَوِيٌّ قِيَاسًا عَلَى التَّمْرِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ مَعَ الْكَيْلِ، وَالتَّمْرُ رِبَوِيٌّ قِيَاسًا عَلَى الْأُرْزِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ وَالْكَيْلِ مَعَ الْقُوتِ، وَالْأُرْزُ رِبَوِيٌّ قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ وَالْكَيْلِ وَالْقُوتِ الْغَالِبِ، ثُمَّ يَسْقُطُ الْكَيْلُ وَالْقُوتُ عَنْ الِاعْتِبَارِ بِطَرِيقَةٍ فَيَثْبُتُ أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ وَحْدُهُ وَأَنَّ التُّفَّاحَ رِبَوِيٌّ كَالْبُرِّ وَلَوْ قِيسَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ لَمْ يَسْلَمْ مِمَّنْ يَمْنَعُ عِلِّيَّتَهُ فَقَدْ ظَهَرَ لِلْوَسَطِ بِالتَّدْرِيجِ فَائِدَةٌ وَهِيَ السَّلَامَةُ مِنْ مَنْعِ عِلِّيَّةِ الطَّعْمِ فِيمَا ذُكِرَ فَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيَاسَاتُ صَحِيحَةً بِخِلَافِ مَا قِيسَ التُّفَّاحُ عَلَى السَّفَرْجَلِ وَالسَّفَرْجَلُ عَلَى الْبِطِّيخِ وَالْبِطِّيخُ عَلَى الْقِثَّاءِ وَالْقِثَّاءُ عَلَى الْبُرِّ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْوَسَطِ فِيهَا؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ مَا عَدَا الْبُرَّ إلَيْهِ بِالطَّعْمِ دُونَ الْكَيْلِ وَالْقُوتِ نَعَمْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمِنْ شَرْطِهِ ثُبُوتُهُ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ تَكْرَارٌ.
وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ
ــ
[حاشية العطار]
مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَقْرِيرِ الْفَرْعِيَّةِ مِنْ بِنَاءِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ غَيْرَ فَرْعٍ بَلْ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا (قَوْلُهُ: كَانَ الثَّانِي لَغْوًا) لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلَ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَخِيرُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَسَمَّاهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ أَوَّلًا وَهُوَ قِيَاسُ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ طَرِيقَ التَّرَقِّي فِي الْعِلَّةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ التُّفَّاحِ وَمَا بَعْدَهُ يَزِيدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِعِلَّتِهِ وَلَوْ أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلُ فِي الْمِثَالِ لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْأَوَّلَ فِي الْمِثَالِ هُوَ قِيَاسُ التُّفَّاحِ عَلَى الزَّبِيبِ وَالتُّفَّاحُ الَّذِي هُوَ فَرْعٌ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ أَصْلًا فِي الثَّانِي وَأَيْضًا لَيْسَ هُوَ وَسَطًا وَقَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ لِمَا ذَكَرَ فَإِنَّ الْأُرْزَ فَرْعٌ فِي الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ أَعْنِي قِيَاسَ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ وَهُوَ وَسَطٌ وَأَصْلٌ فِي الْقِيَاسِ الثَّانِي أَعْنِي قِيَاسَ التَّمْرِ عَلَى الْأُرْزِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) رَاجِعٌ إلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْقُطُ الْكَيْلُ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْكَيْلُ غَيْرُ عِلَّةٍ لِوُجُودِهِ فِي الْحَبْسِ، وَالْقُوتُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْخَوْخِ مَعَ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ الْآتِي فِي السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيسَ إلَخْ) إشَارَةٌ لِفَائِدَةِ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَمْنَعُ عِلَّتَهُ) أَيْ الطَّعْمَ وَيَقُولُ الْعِلَّةُ الْقُوتُ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيَاسَاتُ إلَخْ) أَيْ كُلُّ قِيَاسٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ صَحِيحًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَلُ.
وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّهَا كَيْفَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَمَا عَدَا الْقِيَاسَ الْأَوَّلَ لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ الْفَرْعُ الْأَصْلَ فِي عِلَّةِ حُكْمِهِ إذْ عِلَّةُ الرِّبَوِيَّةِ فِي الْأُرْزِ هِيَ الطَّعْمُ وَالْكَيْلُ وَالْقُوتُ الْغَالِبُ وَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ فِيمَا قَبْلَ قِيَاسِ الْأُرْزِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ وَتَحْقِيقِ مَا هُوَ عِلَّةٌ فِي الْوَاقِعِ وَإِسْقَاطِ الزَّائِدِ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَفِيهِ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ قِيَاسَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا فَائِدَةَ لِلْوَسَطِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ جَعْلَهَا قِيَاسَاتٍ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ اُعْتُرِضَ إلَخْ) دَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمُجَارَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ) أَيْ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ بِقَوْلِهِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ غَيْرَ فَرْعٍ فِيهِ قِيَاسٌ مُرَكَّبٌ مِنْ قِيَاسَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ قَبْلُ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ مُرَكَّبٌ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْوَسَطِ فَائِدَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ الْخَاصِّ أَعْنِي الْمُرَكَّبَ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ ثَابِتًا بِغَيْرِ الْقِيَاسِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ بِقِيَاسٍ وَلَا يَكُونُ فَرْعًا فِي هَذَا الْقِيَاسِ الْخَاصِّ وَإِنْ كَانَ فَرْعًا لِأَصْلٍ آخَرَ كَقِيَاسِ الزَّبِيبِ عَلَى التَّمْرِ فِي الرِّبَوِيَّةِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ، وَالتَّمْرِ عَلَى الْأُرْزِ بِجَامِعِ الطَّعْمِ مَعَ الْكَيْلِ ثُمَّ يَبْطُلُ مَا عَدَا الطَّعْمَ بِطَرِيقَةِ فَالْأُرْزُ غَيْرُ فَرْعٍ فِي هَذَا الْقِيَاسِ الْخَاصِّ مَعَ ثُبُوتِ حُكْمِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إلَخْ بَيَّنَ بِهِ نَفْيَ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَ الْمَشْرُوطَيْنِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ نَفْيَهَا بَيْنَ الِاشْتِرَاطَيْنِ وَأَحَدُ النَّفْيَيْنِ لَازِمٌ لِلْآخَرِ وَتَعْلِيلُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ لِلْآخَرِ، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي عَنَاهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute