مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ غَيْرَ فَرْعٍ اشْتِرَاطُ ثُبُوتِهِ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ وَلَا يَكُونُ فَرْعًا لِلْقِيَاسِ الْمُرَادِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فَرْعًا لِأَصْلٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ فَرْعٍ أَنْ لَا يَكُونَ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فَرْعًا فِي هَذَا الْقِيَاسِ الَّذِي يُرَادُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِيهِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى التَّكْرَارِ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ وَكَيْفَ يَنْدَفِعُ وَالْمُدْرَكُ وَاحِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى الْمَقُولِ أَوَّلًا وَالْآمِدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى الْمَقُولِ ثَانِيًا أَعْنِي كَوْنَهُ غَيْرَ فَرْعٍ فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَاسْتَرْوَحَ بِمَا أَجَابَ، وَتَقْيِيدُهُ لِلثَّانِي بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْوَسَطِ فَائِدَةٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْجُوَيْنِيِّ فِي السَّلْسَلَةِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِاعْتِبَارِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ لَا أَنْ يَحْكِيَ بِقِيلَ وَيُصَرِّحَ فِيهِ مُطْلَقًا وَهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ.
(وَأَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ) فَمَا عَدَلَ عَنْ سُنَنِهِ أَيْ خَرَجَ
ــ
[حاشية العطار]
الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّكْرَارِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ غَيْرَ فَرْعٍ) أَيْ الْمَذْكُورِ هُنَا وَقَوْلُهُ اشْتِرَاطُ ثُبُوتِهِ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ وَهُوَ مَا هُنَاكَ أَيْ فَمَا هُنَا لَا يُغْنِي عَمَّا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إلَخْ) أَيْ فَيُوجَدُ الشَّرْطُ الثَّانِي بِدُونِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ فَرْعًا إلَخْ) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ فَرْعٌ فِي الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ) أَيْ حُكْمُ الْفَرْعِ فِي الْقِيَاسِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ لَا يَكُونَ فَرْعًا فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ حَتَّى يُنْفَى
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فَرْعًا لِأَصْلٍ) أَيْ فِي الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ نَفْسُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إلَخْ أَيْ فَاحْتِيجَ لِلثَّانِي هُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ اشْتِرَاطُ ثُبُوتِهِ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَوَّلَ زَادَ فِيهِ اشْتِرَاطٌ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ ثَابِتًا إلَخْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ وَلَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَابُ) لَمْ يَعْنُونَهُ بِهِ إشَارَةً لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ لِسُقُوطِهِ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّكْرَارِ) إمَّا لِتَكْرِيرِ سَنَدِ الْمَنْعِ وَهُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ فَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِهِمَا، وَإِمَّا لِأَنَّ أَحَدَ النَّفْيَيْنِ لَازِمٌ لِلْآخَرِ لَكِنَّ التَّصْرِيحَ بِاللَّازِمِ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا فِي عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ نَفْيَ الْفَرْعِيَّةِ فِي خُصُوصِ الْقِيَاسِ الَّذِي يُرَادُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِيهِ بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ غَيْرَ فَرْعٍ أَصْلًا وَمَتَى كَانَ غَيْرَ فَرْعٍ أَصْلًا كَانَ ثَابِتًا بِغَيْرِ الْقِيَاسِ وَمَتَى كَانَ فَرْعًا كَانَ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: وَالْمُدْرَكُ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ وَاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ غَيْرَ فَرْعٍ وَاحِدٌ وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ الْقِيَاسِ الثَّانِي لَغْوًا أَوْ غَيْرَ مُنْعَقِدٍ (قَوْلُهُ: لَا طَائِلَ تَحْتَهُ) لِأَنَّ غَايَتَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ السَّلَامَةُ عَنْ مَنْعِ الْعِلِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ إذْ الْمَنْعُ لِعِلِّيَّةِ مَا ذُكِرَ عِلَّةٌ فِي قِيَاسِ التَّمْرِ وَمَا قَبْلَهُ مُتَوَجِّهٌ لَا مَحَالَةَ وَيُغْنِي عَمَّا ذَكَرَهُ بِتَقْدِيرِ مَنْعِ الْعِلِّيَّةِ إثْبَاتُهَا بِطَرِيقَةِ (قَوْلُهُ: حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ) أَيْ الْقَوْمِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا وَكَوْنُهُ غَيْرَ فَرْعٍ وَلَمْ يُقَيِّدُوا بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْوَسَطِ فَائِدَةٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ وَلَمْ يَقُولُوا مُطْلَقًا فَعِبَارَتُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ لِلْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ بِمَا قَيَّدَ (قَوْلُهُ: لَا أَنْ يَحْكِيَ) أَيْ إطْلَاقَهُمْ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ) أَيْ طَرِيقِهِ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ وَإِلَى الثَّانِي مَيْلُ الشَّارِحِ وَالْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ إمَّا بِأَنْ لَا يُعْقَلَ الْمَعْنَى فِي الْحُكْمِ كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ وَمَقَادِيرِ الْحُدُودِ أَوْ بِأَنْ يُعْقَلَ الْمَعْنَى لَكِنْ لَمْ يَتَعَدَّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ كَرُخَصِ السَّفَرِ لَمَّا امْتَنَعَ تَعْلِيلُهَا بِمَا يَتَعَدَّى وَهُوَ مُطْلَقُ الْمَشَقَّةِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مَرْتَبَةٍ مِنْهَا تُعْتَبَرُ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ تَعَيَّنَتْ مَشَقَّةُ السَّفَرِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ أَيْضًا فَاعْتُبِرَتْ مَظِنَّتُهَا وَهِيَ السَّفَرُ لِانْضِبَاطِهِ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ فَامْتَنَعَتْ التَّعْدِيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute