عَنْ مِنْهَاجِهِ لَا لِمَعْنًى لَا يُقَاسُ عَلَى مَحَلِّهِ لِتَعَذُّرِ التَّعْدِيَةِ حِينَئِذٍ كَشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ فَحَسْبُهُ» فَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ رُتْبَةً فِي الْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ مِنْ التَّدَيُّنِ وَالصِّدْقِ كَالصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِصَّةُ شَهَادَةِ خُزَيْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَحَاصِلُهَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَجَحَدَهُ الْبَيْعَ وَقَالَ هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ عَلَيَّ فَشَهِدَ عَلَيْهِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْ دُونَ غَيْرِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا مَعَنَا فَقَالَ صَدَّقْتُك فِيمَا جِئْتَ بِهِ وَعَلِمْتُ أَنَّك لَا تَقُولُ إلَّا حَقًّا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ» هَذَا لَفْظُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد «فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ وَذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ ذَلِكَ الْفَرَسَ هُوَ الْمُسَمَّى مِنْ خَيْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُرْتَجِلِ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ» .
(وَ) أَنْ (لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ)
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: عَنْ مِنْهَاجِهِ) وَهُوَ أَنْ يُعْقَلَ الْمَعْنَى فِي الْحُكْمِ وَيُوجَدَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ يُمْكِنُ تَعْدِيَتُهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَعْنًى يُقَاسُ عَلَى مَحَلِّهِ) أَيْ لَا لِمَعْنًى يَتَعَدَّى؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمَعْنَى فِي مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لَا لِمَعْنًى لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِمَعْنًى لَا يَتَعَدَّى ثُمَّ إنَّ اخْتِصَاصَ خُزَيْمَةَ بِمَا ذُكِرَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ مُقَيِّدَ الِاخْتِصَاصِ هُوَ النَّصُّ فَقَطْ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَقَالَ الْكَمَالُ فِي تَحْرِيرِهِ إنَّ مُفِيدَ الِاخْتِصَاصِ لَيْسَ هُوَ النَّصُّ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ مَعَ دَلِيلِ مَنْعِ التَّعْدِيَةِ وَهُوَ تَكْرِيمُ خُزَيْمَةَ لِاخْتِصَاصِهِ بِفَهْمِ حِلِّ الشَّهَادَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِنَادًا إلَى إخْبَارِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ وَالتَّعْدِيَةُ تُبْطِلُ ذَلِكَ اهـ.
ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ غَيْرَ خُزَيْمَةَ فَهِمَ ذَلِكَ أَيْضًا تَكُونُ الْخُصُوصِيَّةُ فِي سَبْقِهِ إلَى هَذَا الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: فَحَسْبُهُ) أَيْ كَافِيهِ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَجَحَدَهُ الْبَيْعَ) أَيْ جَحَدَ الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بِمَا جِئْت بِهِ) أَيْ وَمِنْ جُمْلَتِهِ اشْتِرَاءُ هَذَا الْفَرَسِ مِنْ الْأَعْرَابِيِّ (قَوْلُهُ: لَا تَقُولُ إلَّا حَقًّا) أَيْ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ) أَيْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَرِدُ الزِّنَا (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ إذْ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَعْنًى وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْإِيمَاءُ وَهُوَ أَنْ يَقْتَرِنَ الْحُكْمُ بِمَعْنًى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالتَّعْلِيلِ كَانَ مُسْتَبْعَدًا كَمَا فِي «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إذَنْ» ، وَهُنَا قَدْ اقْتَرَنَ الْحُكْمُ وَهُوَ مَنْ شَهِدَ لَهُ إلَخْ بِقَوْلِهِ صَدَّقْتُك إلَخْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّصْدِيقُ عِلَّةً لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَانَ الِاقْتِرَانُ مُسْتَبْعَدًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقِسْ عَلَيْهِ مَنْ شَارَكَهُ لِجَوَازِ الْخُصُوصِيَّةِ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ.
وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الِاقْتِرَانَ كَمَا فِي حَدِيثِ «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ» أَقْوَى لِاقْتِرَانِهِ بِالْفَاءِ وَإِذًا فَهُوَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ شَهِدَ لَهُ إلَخْ فَإِنَّهُ مُحْتَمَلٌ يَرُدُّهُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا مِنْ أَمْثِلَةِ الْإِيمَاءِ حَدِيثَ الْمُوَاقِعِ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ اقْتِرَانَ الْأَمْرِ بِالْعِتْقِ فِيهِ بِالسُّؤَالِ عَنْ الْوِقَاعِ دَلِيلٌ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute