أَيْ بِنَائِهِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَصْمَيْنِ (أَوْ) كَانَ الْحُكْمُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا (لِعِلَّةٍ يَمْنَعُ الْخَصْمُ وُجُودَهَا فِي الْأَصْلِ) كَمَا فِي قِيَاسِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ عَلَى فُلَانَةَ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي عَدَمِ وُجُودِ الطَّلَاقِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَإِنَّ عَدَمَهُ فِي الْأَصْلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْعِلَّةُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ قَبْلَ مِلْكِهِ، وَالْحَنَفِيُّ يَمْنَعُ وُجُودَهَا فِي الْأَصْلِ وَيَقُولُ هُوَ تَنْجِيزٌ (فَمُرَكَّبُ الْوَصْفِ) يُسَمَّى الْقِيَاسُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ لِتَرْكِيبِ الْحُكْمِ فِيهِ أَيْ بِنَائِهِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي مَنَعَ الْخَصْمُ وُجُودَهُ فِي الْأَصْلِ (وَلَا يُقْبَلَانِ) أَيْ الْقِيَاسَانِ الْمَذْكُورَانِ لِمَنْعِ الْخَصْمِ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الْأَصْلِ فِي الثَّانِي (خِلَافًا لِلْخِلَافَيْنِ) فِي قَوْلِهِمْ يُقْبَلَانِ نَظَرًا لِاتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ (وَلَوْ سَلَّمَ) الْخَصْمُ
ــ
[حاشية العطار]
ظَاهِرِهَا مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ الْمُرَكَّبُ هُوَ الْقِيَاسُ لَا الْحُكْمُ (قَوْله أَيْ بِنَاؤُهُ) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُرَكَّبًا فِي مُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَمُرَكَّبِ الْوَصْفِ مِنْ التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى الْبِنَاءِ أَيْ تَرَتُّبُ شَيْءٍ عَلَى الْآخَرِ لَا مِنْ التَّرْكِيبِ ضِدُّ الْأَفْرَادِ كَمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْعَضُدِ حَيْثُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ مُرَكَّبًا لِإِثْبَاتِهِمَا الْحُكْمَ كُلٌّ بِقِيَاسٍ فَقَدْ اجْتَمَعَ قِيَاسَاهُمَا، ثُمَّ إنَّ الْأَوَّلَ اتَّفَقَا فِيهِ عَلَى الْحُكْمِ وَهُوَ الْأَصْلُ بِاصْطِلَاحٍ دُونَ الْوَصْفِ الَّذِي يُعَلِّلُ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ فَسُمِّيَ مُرَكَّبَ الْوَصْفِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ اهـ. أَيْ فَلَمَّا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْوَصْفِ فِي الثَّانِي سُمِّيَ الْأَوَّلَ بِمُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَالثَّانِي بِمُرَكَّبِ الْوَصْفِ، وَإِنَّمَا قَالَ بِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكِيبَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الِاتِّفَاقِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْ اجْتَمَعَ قِيَاسَاهُمَا أَنَّ التَّرْكِيبَ فِي الْقِيَاسِ فَيُعْتَرَضُ أَنَّهُ إنَّمَا يَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِتَسْمِيَةِ الْقِيَاسِ مُرَكَّبًا لَا مُرَكَّبَ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّرْكِيبَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ التَّرْكِيبِ ضِدُّ الْأَفْرَادِ أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَصْمَيْنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُهُ بِمَعْنَى الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَدُّدَ إلَّا إنْ كَانَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ وَفِي قَوْلِهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَصْمَيْنِ دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّنَافِي وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهِمَا بِالنَّظَرِ إلَى مَجْمُوعِ الْخَصْمَيْنِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَمْنَعُ الْخَصْمُ وُجُودَهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْعَ وُجُودِهَا فِيهِ صَادِقٌ مَعَ قَوْلِهِ بِهَا وَبِعَدَمِهَا فَمَنْعُ الْحَنَفِيِّ فِي الْمِثَالِ وُجُودَ التَّعْلِيقِ فِي الْأَصْلِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِلَّةٌ عِنْدَهُ وَإِلَّا تَخَالَفَا فِي الْفَرْعِ فِي الْمِثَالِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَصْلِ) أَيْ الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعِلَّةُ) أَيْ عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: هُوَ تَنْجِيزٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ تَعْلِيقٌ وَالْأَصْلَ تَنْجِيزٌ (قَوْلُهُ: فَمُرَكَّبُ وَصْفٍ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ فِي قَوْلِهِمْ مُرَكَّبِ الْوَصْفِ هُوَ وُجُودُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّ وُجُودَهَا فِيهِ وَصْفٌ لَهَا وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُرَكَّبًا أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَحَدُهُمَا يُثْبِتُهُ وَالْآخَرُ يَنْفِيهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبَلَانِ) أَيْ لَا يَنْهَضَانِ عَلَى الْخَصْمِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِيَاسِ فَيُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْعِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مَالَ صَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ الْخَصْمُ إلَخْ) بِأَنْ سَلَّمَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الرِّبَا الْمَطْعُومِيَّةُ وَلَمْ يُسَلِّمْ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْبُرِّ فَأَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ وُجُودَهَا فِيهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِعِلَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute