بَدَلَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى حُكْمِ الْأَصْلِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ دَلِيلُ حُكْمِهِ وَفِي قَوْلِهِ
(وَكَوْنُ الْحُكْمِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ (مُتَّفَقًا عَلَيْهِ) وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ عِنْدَ مَنْعِهِ إلَى إثْبَاتِهِ فَيَنْتَقِلُ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَيَنْتَشِرُ الْكَلَامُ وَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ (قِيلَ بَيْنَ الْأُمَّةِ) حَتَّى لَا يَتَأَتَّى الْمَنْعُ بِوَجْهٍ (وَالْأَصَحُّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ لَا يَعْدُوهُمَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) مَعَ اشْتِرَاطِ اتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ فَقَطْ (اخْتِلَافُ الْأُمَّةِ) غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ فِي الْحُكْمِ بَلْ يَجُوزُ اتِّفَاقُهُمْ فِيهِ كَالْخَصْمَيْنِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ لِيَتَأَتَّى لِلْخَصْمِ الْبَاحِثِ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُ
(فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُتَّفَقًا) عَلَيْهِ (بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ لِعِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَمَا فِي قِيَاسِ حُلِيِّ الْبَالِغَةِ عَلَى الصَّبِيَّةِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ عَدَمَهُ فِي الْأَصْلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْعِلَّةُ فِيهِ عِنْدَنَا كَوْنُهُ حُلِيًّا مُبَاحًا، وَعِنْدَهُمْ كَوْنُهُ مَالَ صَبِيَّةٍ (فَهُوَ) أَيْ الْقِيَاسُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (مُرَكَّبُ الْأَصْلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَرْكِيبِ الْحُكْمِ (فِيهِ)
ــ
[حاشية العطار]
جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُهُ بِحَذْفِ لَفْظَةِ حُكْمٍ إذْ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ هُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَكَانَ وَجْهُ الْعُدُولِ دَفْعَ تَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى غَيْرِ الْحُكْمِ مِنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ. (قَوْلُهُ: بَدَلَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَخْ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَتَى
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْحُكْمِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِإِلْزَامِ الْخَصْمِ بِمُقْتَضَى الْقِيَاسِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَقِيسَ عَلَى مَا وَافَقَ مَذْهَبَهُ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مَحَلَّ الشَّرْطِ إذَا أَوْرَدَ الْمُسْتَدِلُّ حُكْمَ الْأَصْلِ عَلَى وَجْهٍ يَقْبَلُ الْمَنْعَ بِأَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِدَلِيلٍ وَإِلَّا قُبِلَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْعِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَيَنْتَقِلُ الْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرُمْ الْمُسْتَدِلُّ إثْبَاتَ الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ مَمْنُوعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَا يُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: وَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ) وَهُوَ إثْبَاتُ حُكْمِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ مَنْ يُوجَدُ عَلَى فَرْضِ أَنْ لَوْ رَدَّ الْغَيْرُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِيَتَأَتَّى إلَخْ) فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ اشْتِرَاطِ اتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَأَتِّي مَنْعِهِ مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مَنْعُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَاشْتِرَاطُ اتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِسَدِّ بَابِ الْمَنْعِ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي التَّمْكِينَ مِنْ مَنْعِ عِلَّةِ حُكْمِ الْأَصْلِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَكْفِي اخْتِلَافُ الْأُمَّةِ فِي الْعِلَّةِ دُونَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُ) أَيْ لَا مَذْهَبَ لَهُ يَلْتَزِمُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ خَصْمًا بَاحِثًا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مِنْ حَيْثُ الِاتِّفَاقُ مَعَ خَصْمِهِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى لِلْخَصْمِ الْمَنْعُ مِنْ كَوْنِهِ مُوَافِقًا عَلَى الْحُكْمِ
(قَوْلُهُ:، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِأَدَاةِ الشَّكِّ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ:، فَإِنَّ عَدَمَهُ) أَيْ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْقِيَاسُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ) تَحْوِيلٌ لِلْعِبَارَةِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute