تَضُرُّ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْعِلَّةُ (قَطْعِيَّةً) فَإِنْ قَطَعَ بِعِلِّيَّةِ الشَّيْءِ فِي الْأَصْلِ وَبِوُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ كَالْإِسْكَارِ وَالْإِيذَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ (فَقَطْعِيٌّ) قِيَاسُهَا حَتَّى كَانَ الْفَرْعُ فِيهِ تَنَاوَلَهُ دَلِيلُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ ظَنِّيًّا كَانَ حُكْمُ الْفَرْعِ كَذَلِكَ (أَوْ) كَانَتْ (ظَنِّيَّةً) بِأَنْ ظَنَّ عِلِّيَّةَ الشَّيْءِ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ قَطَعَ بِوُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ (فَقِيَاسُ الْأَدْوَنِ) أَيْ فَذَلِكَ الْقِيَاسُ ظَنِّيٌّ وَهُوَ قِيَاسُ الْأَدْوَنِ (كَالتُّفَّاحِ) أَيْ كَقِيَاسِهِ (عَلَى الْبُرِّ) فِي بَابِ الرِّبَا (بِجَامِعِ الطَّعْمِ) فَإِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِ وَيُحْتَمَلُ مَا قِيلَ إنَّهَا الْقُوتُ أَوْ الْكَيْلُ وَلَيْسَ فِي التُّفَّاحِ إلَّا الطَّعْمُ فَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ أَدْوَنُ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الْبُرِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ فَأَدْوَنِيَّةُ الْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْأَوَّلُ أَيْ الْقَطْعِيُّ يَشْمَلُ أَقْيَاسَ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِيَ أَيْ مَا يَكُونُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ فِي الْفَرْعِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْأَصْلِ أَوْ مُسَاوِيًا كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا.
(وَتُقْبَلُ الْمُعَارَضَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْعِ (بِمُقْتَضٍ
ــ
[حاشية العطار]
قَالَ النَّاصِرُ إنْ صَحَّ هَذَا الْإِيهَامُ هُنَا فَلْيَصِحَّ أَيْضًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي حَدِّ الْقِيَاسِ لِمُسَاوَاتِهِ فِي عِلَّةِ حُكْمِهِ فَيَضُرُّ فِيهِ بِخُرُوجِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى مِنْهُ اهـ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْإِيهَامِ وَإِنْ ضَعُفَ أَرْجَحُ مِنْ تَرْكِهِ قَطْعًا وَأَنَّ مُرَاعَاتَهُ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ الْمَوَاضِعِ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ وَإِنْ أُهْمِلَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِوُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ) لَيْسَ هَذَا مِنْ مَفْهُومِ الْعِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهَا ذُكِرَ تَتْمِيمًا لِمَا يَكُونُ بِهِ الْقِيَاسُ قَطْعِيًّا إذْ مَعْنَى كَوْنِ الْعِلَّةِ قَطْعِيَّةً أَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهَا دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فَقَطْعِيٌّ قِيَاسُهَا) أَيْ أَنَّ إلْحَاقَ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ مَجْزُومٌ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قَطْعِيَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ ظَنِّيًّا) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِيَّةِ الْقِيَاسِ قَطْعِيَّةُ الْحُكْمِ بَلْ إذَا كَانَ الدَّلِيلُ قَطْعِيًّا (قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ فَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ بِخِلَافِ التُّفَّاحِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الطُّعْمُ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَا بُعْدَ فِي أَنَّ أَدْوَنِيَّتَهُ مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ لِلِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَمَامَهَا فِي نَفْسِهَا (قَوْلُهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهَا) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْجَامِعِ الَّذِي هُوَ الْوَصْفُ الْمُشْتَرَكُ بِتَمَامِهِ فِي الْفَرْعِ وَفِي كَلَامِهِ دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْأَدْوَنِيَّةَ مِنْ حَيْثُ الْعِلَّةُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ أَوْصَافٌ كُلٌّ مِنْهَا صَالِحٌ لِلْعِلِّيَّةِ وَلَيْسَ فِي الْفَرْعِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْأَدْوَنِيَّةِ فِي الْعِلَّةِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ الْعِلَّةُ تَمَامُ الْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْعِلَّةِ لَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ مِنْ أَصْلِهَا فِي الْفَرْعِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَدْوَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَدْوَنِيَّةَ تَقْتَضِي وُجُودَ أَصْلِ الْعِلَّةِ بِدُونِ تَمَامٍ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَشْمَلُ قِيَاسَ إلَخْ) كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقِيَاسُ الْأَدْوَنِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسِ إحْرَاقِ إلَخْ) فَإِنَّهُ مُسَاوٍ فِي الْإِتْلَافِ عَلَى الْيَتِيمِ وَإِنْ كَانَ الْإِحْرَاقُ أَشَدَّ
(قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْمُعَارَضَةُ إلَخْ) هِيَ اصْطِلَاحًا مُقَابَلَةُ الدَّلِيلِ بِدَلِيلٍ آخَرَ مُمَانِعٍ لِلْأَوَّلِ فِي ثُبُوتِ مُقْتَضَاهُ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي حَوَاشِي الْوَلَدِيَّةِ الْكُبْرَى (قَوْلُهُ: بِمُقْتَضٍ) أَيْ بِدَلِيلٍ مُقْتَضٍ بِأَنْ يَأْتِيَ الْخَصْمُ بِقِيَاسٍ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضٍ أَوْ ضِدِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْمُسْتَدِلِّ وَقَوْلُهُ نَقِيضَ أَوْ ضِدَّ إلَخْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَنْصُوبٌ بِمُقْتَضٍ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِذِكْرِهِ فِي الثَّالِثِ ثُمَّ إنَّ نَقِيضَ كُلِّ شَيْءٍ رَفْعُهُ كَإِنْسَانٍ وَلَا إنْسَانٍ بِنَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute