نَقِيضَ أَوْ ضِدَّ لَا خِلَافَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَإِلَّا لَانْقَلَبَ مَنْصِبُ الْمُنَاظَرَةِ إذْ يَصِيرُ الْمُعْتَرِضُ مُسْتَدِلًّا وَبِالْعَكْسِ وَذَلِكَ خُرُوجٌ عَمَّا قُصِدَ مِنْ مَعْرِفَةِ صِحَّةِ نَظَرِ الْمُسْتَدِلِّ فِي دَلِيلِهِ إلَى غَيْرِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ هَدْمُ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ لَا إثْبَاتُ مُقْتَضَاهَا الْمُؤَدِّي إلَى مَا تَقَدَّمَ وَصُورَتُهَا فِي الْفَرْعِ أَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ لِلْمُسْتَدِلِّ مَا ذَكَرْتَ مِنْ الْوَصْفِ وَإِنْ اقْتَضَى ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ فَعِنْدِي وَصْفٌ آخَرُ يَقْتَضِي نَقِيضَهُ أَوْ ضِدَّهُ، مِثَالُ النَّقِيضِ الْمَسْحُ رُكْنٌ فِي الْوُضُوءِ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَالْوَجْهِ فَيَقُولُ الْمُعَارِضُ مَسْحٌ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَمَسْحِ الْخُفِّ، وَمِثَالُ الضِّدِّ الْوِتْرُ وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَجِبُ كَالتَّشَهُّدِ فَيَقُولُ الْمُعَارِضُ مُؤَقَّتٌ بِوَقْتِ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ فَيُسْتَحَبُّ كَالْفَجْرِ.
وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ بِمُقْتَضَى خِلَافِ الْحُكْمِ فَلَا تَقْدَحُ قَطْعًا لِعَدَمِ مُنَافَاتِهَا لِدَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ كَمَا يُقَالُ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قَوْلٌ يَأْثَمُ قَائِلُهُ فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ فَيَقُولُ الْمُعَارِضُ قَوْلٌ مُؤَكِّدٌ لِلْبَاطِلِ يُظَنُّ بِهِ حَقِّيَّتُهُ فَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ (وَالْمُخْتَارُ) فِي دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ الْمَذْكُورَةِ زِيَادَةً عَلَى دَفْعِهَا بِكُلِّ مَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ ابْتِدَاءً (قَبُولُ) (التَّرْجِيحِ) لِوَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى وَصْفِ الْمُعَارِضِ بِمُرَجِّحٍ مِمَّا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ لِتَعَيُّنِ الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ يَجْرِي فِي الْمُفْرَدَاتِ كَالْقَضَايَا وَتَحْقِيقُهُ ذَكَرْنَاهُ فِي حَوَاشِي الْخَبِيصِيُّ.
وَأَمَّا الضِّدَّانِ فَهُمَا الْأَمْرَانِ الْوُجُودِيَّانِ الْمُمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَالْخِلَافَانِ أَعَمُّ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ أَوْ ضِدَّ؛ لِأَنَّ النَّقِيضَ أَخَصُّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْأَخَصِّ ذِكْرُ الْأَعَمِّ فَإِنَّ السَّوَادَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْبَيَاضِ يَشْمَلُهُ قَوْلُنَا لَا بَيَاضَ (قَوْلُهُ: عَمَّا قَصَدَ) أَيْ قَصَدَهُ الْمُتَنَاظِرَانِ بِالْمُنَاظَرَةِ (قَوْلُهُ إلَى غَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " خُرُوجٌ " وَضَمِيرُ غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَى مَا قَصَدَ إلَخْ وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ مَعْرِفَةُ صِحَّةِ نَظَرِ الْمُعْتَرِضِ فِي دَلِيلِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَصَدَ) أَيْ قَصَدَ الْمُعْتَرِضُ (قَوْلُهُ: لَا إثْبَاتُ مُقْتَضَاهَا) أَيْ الْمُعَارَضَةِ وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ الِانْقِلَابِ (قَوْلُهُ: فَعِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الرُّكْنِيَّةَ أَيْ فَبِسَبَبِ رُكْنِيَّتِهِ يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ) نَقِيضُ يُسَنُّ (وَقَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ) ضِدُّ يَجِبُ (وَقَوْلُهُ فَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ) خِلَافُ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: كَمَسْحِ الْخُفِّ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَسْحٌ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ إلَخْ) فِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا يُقَالُ إلَخْ) أَيْ مِنْ طَرَفِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: كَشَهَادَةِ الزُّورِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَأْثَمُ قَائِلُهُ (قَوْلُهُ فَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ) فَهَذَا خِلَافُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى دَفْعِهَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَدِلِّ بِكُلِّ قَادِحٍ يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَدَلِّ كَإِبْدَاءِ فَارِقٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْحِ بِأَنْ يَقُولَ هُنَاكَ فَارِقٌ بَيْنَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْخُفِّ بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ الرَّأْسِ وَحَاصِلُهُ إبْدَاءُ قَادِحٍ مِنْ الْمُسْتَدِلِّ فِي دَلِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute