للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالتَّيَمُّمُ إنَّمَا تُعُبِّدَ بِهِ بَعْدَهَا إذْ لَوْ جَازَ تَقَدُّمُهُ لَلَزِمَ ثُبُوتُ حُكْمِ الْفَرْعِ حَالَ تَقَدُّمِهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُعْلَمُ. نَعَمْ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ إلْزَامًا لِلْخَصْمِ جَازَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لِلْحَنَفِيَّةِ طَهَارَتَانِ أَنَّى تَفْتَرِقَانِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَعْنَى (وَجَوَّزَهُ) أَيْ جَوَّزَ تَقَدُّمَهُ (الْإِمَامُ) الرَّازِيّ (عِنْدَ دَلِيلٍ آخَرَ) يَسْتَنِدُ إلَيْهِ حَالَةَ التَّقَدُّمِ دَفْعًا لِلْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ وَبِنَاءً عَلَى جَوَازِ دَلِيلَيْنِ أَوْ أَدِلَّةٍ عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَأَخَّرَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ كَمُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ الْمُعْجِزَةِ الْمُقَارِنَةِ لِابْتِدَاءِ الدَّعْوَةِ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْفَرْعِ (ثُبُوتُ حُكْمِهِ بِالنَّصِّ جُمْلَةً) (خِلَافًا فَالْقَوْمُ) فِي قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيُطْلَبُ بِالْقِيَاسِ تَفْصِيلُهُ قَالُوا فَلَوْلَا الْعِلْمُ بِوُرُودِ مِيرَاثِ الْجَدِّ جُمْلَةً حَرَامٌ لَمَا جَازَ الْقِيَاسُ فِي تَوْرِيثِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَرُدَّ اشْتِرَاطُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ قَاسُوا أَنْتِ حَرَامٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ

ــ

[حاشية العطار]

تُعُبِّدَ بِهَا قَبْلَ التَّعَبُّدِ بِالنِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّعَبُّدِ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ التَّعَبُّدِ بِالتَّيَمُّمِ قَدْ تُعُبِّدَ بِالنِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ قَبْلَ التَّعَبُّدِ بِالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فَيَصِحُّ الْقِيَاسُ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ) عِنْدَ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُعُبِّدَ بِهِ بَعْدَهَا) قِيلَ نَزَلَتْ آيَتُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَقِيلَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقِيلَ بَعْدَهَا فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: لِلُزُومِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْفَرْعِ) أَيْ ظُهُورِهِ لِلْمُكَلَّفِينَ وَعِلْمِهِمْ بِهِ وَهُوَ وُجُوبُ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ مَتَى مَا حَصَلَ حَصَلَ مَعَهُ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ) لِأَنَّ دَلِيلَهُ الْقِيَاسُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى حُكْمِ الْفَرْعِ فَإِذَا فُرِضَ تَقَدُّمُ حُكْمِ الْفَرْعِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لَزِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِمَا لَمْ يُعْلَمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُعْلَمُ) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ قَالَ النَّاصِرُ: وَالْأَوَّلُ تَكْلِيفٌ لَا يُعْلَمُ. ذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ وَأَمَّا التَّكْلِيفُ الَّذِي لَا يُعْلَمُ فَهُوَ تَكْلِيفٌ مُحَالٌ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ اتِّفَاقًا

(قَوْلُهُ: إلْزَامًا) أَيْ لَا اسْتِدْلَالًا عَلَى الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ ثَابِتٌ بِالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) جَعَلَ هَذَا مِثَالًا لِلْإِلْزَامِ عِنْدَ عَدَمِ دَلِيلٍ لِلْفَرْعِ مَعَ أَنَّ لِلْوُضُوءِ دَلِيلًا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ مِثَالٌ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا دَلِيلَ وَدَلِيلُ الْوُضُوءِ وَهُوَ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ كَحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَأَشَارَ بِالْإِفْرَادِ فِي الشَّافِعِيِّ وَبِالْجَمْعِ فِي الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: بِتَسَاوِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ) أَيْ وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْمَعْنَى لَزِمَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْحُكْمِ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التُّرَابَ لَمَّا كَانَ مُجَرَّدَ تَعَبُّدٍ غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِي الْحِسِّ اُحْتِيجَ فِيهِ لِلنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ فِي الْحِسِّ بِذَاتِهِ فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَلَمْ يَحْتَجْ فِيهِ لِلنِّيَّةِ يَرُدُّهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا اُشْتُرِطَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِدَفْعِ الْمَانِعِ شَرْعًا لَا لِوَصْفٍ طَبِيعِيٍّ وَالْمَاءُ وَالتُّرَابُ فِيهِ سَوَاءٌ وَوَصْفُ الْمَاءِ الطَّبِيعِيِّ لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِي الْأَصْلِ) وَهُوَ كَوْنُ كُلٍّ طَهَارَةً (قَوْلُهُ: يَسْتَنِدُ إلَيْهِ) فَإِذَا وُجِدَ الدَّلِيلُ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ كَانَ مَقِيسًا عَلَى الْأَصْلِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: دَفْعًا لِلْمَحْذُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَبِنَاءً عَلَى جَوَازِ دَلِيلَيْنِ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّأْكِيدِ

(قَوْلُهُ: جُمْلَةً) حَالٌ مِنْ النَّصِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّيْخِ خَالِدٍ أَيْ إجْمَالًا أَيْ بِدَلِيلٍ إجْمَالِيٍّ (قَوْلُهُ: جُمْلَةً) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ إرْثِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ لَمَا جَازَ الْقِيَاسُ أَيْ عَلَى الْأَبِ فَلَا يَأْخُذُ الْأَخُ مَعَهُ أَوْ عَلَى الْأَخِ فَيُشَارِكُ الْإِخْوَةَ وَدَلِيلُ عَدَمِ جَوَازِ الْقِيَاسِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ تَجَارُؤٌ عَلَى الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ نَفْسَهُ مُسْتَنَدٌ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ) أَيْ هَلْ حُرْمَتُهُ كَحُرْمَةِ الطَّلَاقِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ أَوْ كَحُرْمَةِ الظِّهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>