للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ تَوْطِينًا لِنَفْسِهِ عَلَى تَلَفِهَا وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَبْعَثُ الْمُكَلَّفَ مِنْ الْقَاتِلِ وَوَلِيَّ الْأَمْرِ عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ إيجَابُ الْقِصَاصِ بِأَنْ يُمَكِّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَارِثَ الْقَتِيلِ مِنْ الِاقْتِصَاصِ، وَتَصْلُحُ شَاهِدًا لِإِنَاطَةِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِعِلَّتِهِ فَيَلْحَقُ حِينَئِذٍ الْقَتْلُ بِمُثَقَّلٍ بِالْقَتْلِ بِمُحَدِّدٍ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِلَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ تَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ أَيْ حَيْثُ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى حِكْمَتِهِ (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْعِلَّةِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (كَانَ مَانِعُهَا وَصْفًا وُجُودِيًّا يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا) كَالدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَدِينِ فَإِنَّهُ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ يُخِلُّ بِحِكْمَةِ الْعِلَّةِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ الْمُعَلَّلِ بِمِلْكِ النِّصَابِ وَهِيَ الِاسْتِغْنَاءُ بِمِلْكِهِ فَإِنَّ الْمَدِينَ لَيْسَ مُسْتَغْنِيًا بِمِلْكِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِهِ وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّ الْمِثَالِ عَنْ الْإِلْحَاقِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ.

(وَمِنْ) شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا (أَنْ تَكُونَ) وَصْفًا (ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ) كَالسَّفَرِ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ مَثَلًا لَا نَفْسَ الْحِكْمَةِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا

ــ

[حاشية العطار]

بِالْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَدَّمُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ هُنَا تَقْلِيلُ مَفْسَدَةِ الْقَتْلِ لَا دَفْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ إذْ قَدْ يُقْدِمُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَى تَلَفِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَبْعَثُ إلَخْ) أَمَّا وَلِيُّ الْأَمْرِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً.

وَأَمَّا الْقَاتِلُ نَفْسُهُ إذَا رَجَعَ إلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَمَالَ عَنْ التَّعَصُّبِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ حَيْثُ امْتِثَالُ أَمْرِ الشَّارِعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْحِكْمَةِ (قَوْلُهُ: وَتَصْلُحُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تُبْعَثُ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُودِ شَرْطِ الْإِلْحَاقِ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ وَهُوَ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) قَالَ زَكَرِيَّا لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ مَانِعِ الْعِلَّةِ مَا يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا لَا كَوْنُهُ وَصْفًا وُجُودِيًّا أَيْضًا وَكَأَنَّهُ ضَمَّهُ إلَيْهِ لِيُفِيدَ تَفْرِيعَ مَانِعِ الْعِلَّةِ بِاخْتِصَارٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مَانِعُ الْإِلْحَاقِ بِهَا لَا مَانِعُهَا (قَوْلُهُ يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا) هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ عَدَم اشْتِرَاطٍ أَوْ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّ الْمِثَالِ) أَيْ فَإِنَّ الْمِثَالَ لِلْمَانِعِ الْمُخِلِّ بِالْحِكْمَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَانِعٌ مِنْ التَّعْلِيلِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ الشُّرُوطُ لِلْعِلَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِب مَنْ يَخُصُّ الْقِيَاسَ بِالْفِقْهِ.

وَأَمَّا مَنْ يُجِيزُهُ فِي اللُّغَوِيَّاتِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ لَا حُكْمَ فِيهَا وَلَا حِكْمَةَ يُنَاطُ بِهَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْضِبَاطهَا) ؛ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الْمَشَقَّةِ لَا تُحْصَى لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>