للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِبْطَالُهَا لَهُ إبْطَالٌ لَهَا كَتَعْلِيلِ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبَ الشَّاةِ فِي الزَّكَاةِ بِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ مُجَوِّزٌ لِإِخْرَاجِ قِيمَةِ الشَّاةِ مُفْضٍ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى التَّعْيِينِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا (وَفِي عَوْدِهَا) عَلَى الْأَصْلِ (بِالتَّخْصِيصِ) لَهُ (لَا التَّعْمِيمِ قَوْلَانِ) قِيلَ يَجُوزُ فَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ وَقِيلَ لَا فَيُشْتَرَطُ مِثَالُهُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ فِي آيَةِ {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] بِأَنَّ اللَّمْسَ مَظِنَّةُ الِاسْتِمْتَاعِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ النِّسَاءِ الْمَحَارِمُ فَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهُنَّ الْوُضُوءَ كَمَا هُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.

الثَّانِي يَنْقُضُ عَمَلًا بِالْعُمُومِ وَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» بِأَنَّهُ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ بِأَصْلِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ أَظْهَرَهُمَا الْمَنْعُ نَظَرًا لِلْعُمُومِ، وَلِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ فِي الْفُرُوعِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا التَّعْمِيمِ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَتَعْلِيلِ الْحُكْمِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» بِتَشْوِيشِ الْفِكْرِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْغَضَبِ أَيْضًا.

(وَ) مِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِالْعِلَّةِ (أَنْ لَا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ) مِنْهَا (مُعَارَضَةً بِمُعَارِضٍ مُنَافٍ) لِمُقْتَضَاهَا (مَوْجُودٍ فِي الْأَصْلِ) إذْ لَا عَمَلَ لَهَا مَعَ وُجُودِهِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ مِثَالُهُ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي نَفْيِ التَّبْيِيتِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ صَوْمُ عَيْنٍ

ــ

[حاشية العطار]

الْبَحْثُ وَقَدْ مَثَّلَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ لِلتَّأَخُّرِ بِتَعْلِيلِ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى صَغِيرٍ عَرَضَ لَهُ جُنُونٌ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَبْلَهُ قَالَ زَكَرِيَّا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْجُنُونِ لَيْسَتْ عَيْنَ وِلَايَةِ الصِّغَرِ فَلَيْسَتْ قَبْلَ الْجُنُونِ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ

(قَوْلُهُ: فَإِبْطَالُهَا لَهُ إبْطَالٌ لَهَا) أَيْ يَسْتَلْزِمُهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَعَمَّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبْطَالِ الْأَخَصِّ إبْطَالُ الْأَعَمِّ لِجَوَازِ ثُبُوتِهَا مَعَ فَرْدٍ آخَرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ الْأَعَمِّيَّةُ كَدَفْعِ الْحَاجَةِ الْمُتَحَقِّقِ مَعَ وُجُوبِ الشَّاةِ وَمَعَ جَوَازِهَا، وَجَوَازُ الْقِيمَةِ تَوْسِيعٌ فَهُوَ لِلْوُجُوبِ لَا إبْطَالٌ لَهُ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ يَسْتَنْبِطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنَى يَعُمُّهُ إذْ قَدْ يُسْتَنْبَطُ مِنْ وُجُوبِ الشَّاةِ دَفْعُ الْحَاجَةِ الْمُوجِبُ لِتَعْمِيمِ الْوُجُوبِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الشَّاةِ وَبَدَلِهَا الَّذِي هُوَ جَوَازُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا وُجُوبُهَا مِنْ حَيْثُ الْمَخْصُوصُ لَا مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ مُفْضٍ إلَخْ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مِنْ الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْخَاصِّ مَعْنًى يَعُمُّهُ (قَوْلُهُ وَفِي عَوْدِهَا عَلَى الْأَصْلِ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مِثَالُهُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ) أَيْ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣] (قَوْلُهُ: مَظِنَّةُ الِاسْتِمْتَاعِ) يَعْنِي التَّلَذُّذَ بِسَبَبِ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ بِاللَّمْسِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيلُ يُخْرِجُ مِنْ النِّسَاءِ الْمَحَارِمَ وَهَذَا إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ الْجَدَلِيِّينَ السَّابِقِ لَا عَلَى قَوْلِ الْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِهِ ابْنِ يَحْيَى كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْعُمُومِ) أَيْ عُمُومِ النَّصِّ وَهُوَ الْآيَةُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) تَعْمِيمٌ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَلَكِنْ رَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الْجَوَازَ قِيَاسًا عَلَى تَخْصِيصِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ بِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِإِبْطَالِ شَيْءٍ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْمُسْتَنْبَطَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَةَ أَوْ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا إذَا قَارَنَتْهَا أُخْرَى كَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً بِخِلَافِ مَظْنُونَةِ الْمُجْتَهِدِ إذْ بِظُهُورِ أُخْرَى مِثْلِهَا يَجِبُ التَّوَقُّفُ كَالشَّهَادَةِ إذَا عُورِضَتْ بِأُخْرَى يَتَوَقَّفُ فِيهَا إلَى أَنْ تَتَرَجَّحَ إحْدَاهُمَا اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الشَّامِلَةُ لِلْمُسْتَنْبَطَةِ وَغَيْرِهَا وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ هَذَا مُقَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي مُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَمُرَكَّبِ الْوَصْفِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ انْدِرَاجُهُ فِي الْقِيَاسِ وَمَا هُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ عَدَمَهُ شَرْطٌ فِي الْعِلَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ حَاسِمٍ. (قَوْلُهُ: بِمُعَارِضٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ فَائِدَةَ الْمُعَارَضَةِ التَّوَقُّفُ وَجَعْلُهُ شَرْطًا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ عِنْدَ عَدَمِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُنَافٍ لِمُقْتَضَاهَا) يُفْهِمُ أَنَّ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ الْوَصْفِ الْمُعَارِضِ وَبَيْنَ مُقْتَضَى الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمِثَالَيْنِ الْآتِيَيْنِ الْمُنَافَاةُ بَيْنَ الْمُقْتَضَيَيْنِ أَيْ مُقْتَضَى الْمُسْتَنْبَطَةِ وَمُقْتَضَى الْوَصْفِ الْمُعَارِضِ لَا بَيْنَ الْوَصْفِ الْمُعَارِضِ وَمُقْتَضَى الْمُسْتَنْبَطَةِ (قَوْلُهُ صَوْمُ عَيْنٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>