فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ مُنَافِيًا وَإِنَّمَا ضَعَّفُوا هَذَا الشَّرْطَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ وَهَذَا شَرْطٌ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ كَمَا تَقَدَّمَ أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ الْمُعَارَضَةُ فِيهِ إلَخْ وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْعِلَّةِ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُعَارِضَ بِالْمُنَافِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُنَافِي كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عِلَّةٌ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ.
(وَ) مِنْ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِالْعِلَّةِ (أَنْ لَا تُخَالِفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا) لِأَنَّهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْقِيَاسِ. مِثَالُ مُخَالَفَةِ النَّصِّ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ الْمَرْأَةُ مَالِكَةٌ لِبُضْعِهَا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَتِهَا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ قِيَاسُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ عَلَى صَوْمِهِ
ــ
[حاشية العطار]
فِي إثْبَاتِ تَثْلِيثِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ رُكْنٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالْعِلَّةُ الْمُسْتَنْبَطَةُ هِيَ قَوْلُهُ رُكْنٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُنَافِيًا لَهُ) إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَسْحًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ رُكْنًا إنَّمَا التَّنَافِي بَيْنَ مُقْتَضَاهُمَا فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَهُ وَالثَّانِي يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْعِلَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ مُقْتَضَاهَا تَنَافٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ) أَيْ فِي هَذَا الْبَحْثِ فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ بَلْ فِي شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ بِهَا أَيْ بِسَبَبِهَا وَالْإِلْحَاقُ بِسَبَبِهَا هُوَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ بِسَبَبِهَا فَشُرُوطُهُ شُرُوطُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّهَا تَؤَوَّلُ إلَى شَرْطٍ فِي الْفَرْعِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَؤَوَّلُ إلَى شَرْطٍ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ لِلْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْعِلَّةِ فِي نَفْسِهَا) أَيْ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا لَكِنْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ لِمُعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَتُقْبَلُ الْمُعَارَضَةُ فِيهِ بِمُقْتَضَى نَقِيضِ أَوْ ضِدِّ الْحُكْمِ عَلَى الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَالْمُعَارِضُ هُنَا إلَخْ وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ ثَمَّ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَلَا تُخَالِفُ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ الْعِلَّةُ مِنْ حَيْثُ مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْحُكْمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْيَاءِ وَالْمَعْنَى أَنْ لَا يُخَالِفَ الْإِلْحَاقَ قَالَ النَّاصِرُ مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُخَالِفَ حُكْمُهَا بِالثَّابِتِ بِهَا فِي الْفَرْعِ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شُرُوطِ حُكْمِ الْفَرْعِ وَلَا يَقُومُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ وِفَاقًا وَلَا خَبَرُ الْوَاحِدِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute