حَتَّى يَثْبُتَ اللُّحُوقُ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ، وَقَالَ لَا عِبْرَةَ بِمَظِنَّتِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ فَلَا لُحُوقَ (وَمَا) أَيْ وَالْحُكْمُ الَّذِي (فِيهِ تَعَبُّدٌ كَاسْتِبْرَاءِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا) لِرَجُلٍ مِنْهُ (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ رَجُلٍ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْهُ الْمَسْبُوقَةُ بِالْجَهْلِ بِهَا فَاتَتْ قَطْعًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِانْتِفَاءِ الْجَهْلِ فِيهَا قَطْعًا، وَقَدْ اعْتَبَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِيهَا تَقْدِيرًا حَتَّى يَثْبُتَ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَقَالَ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا تَعَبُّدًا كَمَا فِي الْمُشْتَرَاةِ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ لُحُوقِ النَّسَبِ.
(وَالْمُنَاسِبُ) مِنْ حَيْثُ شَرْعُ الْحُكْمِ لَهُ أَقْسَامٌ (ضَرُورِيٌّ، فَحَاجِيٌّ فَتَحْسِينِيٌّ) عَطَفَهُمَا بِالْفَاءِ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دُونَ مَا قَبْلَهُ فِي الرُّتْبَةِ (وَالضَّرُورِيُّ) ، وَهُوَ مَا تَصِلُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ حَدَّ الضَّرُورَةِ (كَحِفْظِ الدِّينِ) الْمَشْرُوعِ لَهُ قَتْلُ الْكُفَّارِ وَعُقُوبَةُ الدَّاعِينَ إلَى الْبِدَعِ (فَالنَّفْسِ) أَيْ حِفْظُهَا الْمَشْرُوعُ لَهُ الْقِصَاصُ (فَالْعَقْلِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ السُّكْرِ (فَالنَّسَبِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ الزِّنَا (فَالْمَالِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ حَدُّ السَّرِقَةِ وَحَدُّ قَطْعِ الطَّرِيقِ (وَالْعِرْضِ) أَيْ حِفْظُهُ الْمَشْرُوعُ لَهُ
ــ
[حاشية العطار]
تَزَوَّجَ وَبِالْمَغْرِبِ حَالٌ مِنْ امْرَأَةٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ ذَهَابُهُ إلَيْهَا وَعُلُوقُهَا مِنْهُ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:
أَيُّهَا الْمُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا ... عَمْرُكَ اللَّهُ كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ
هِيَ شَامِيَّةٌ إذَا مَا اسْتَهَلَّتْ ... وَسُهَيْلٌ إذَا مَا اسْتَهَلَّ يَمَانِي
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَثْبُتَ) ابْتِدَائِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ) عَطْفٌ عَلَى فَالْمَقْصُودُ فَائِتٌ أَوْ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي فَائِتٌ (قَوْلُهُ: لَا عِبْرَةَ بِمَظِنَّتِهِ) أَيْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَمَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا تَعَبُّدَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِبْرَاءِ جَارِيَةٍ) أَيْ كَوُجُوبِ اسْتِبْرَائِهَا (قَوْلُهُ: لِرَجُلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَائِعِهَا وَقَوْلُهُ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَاهَا (قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقَةُ) نَعْتٌ لِمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِالِاسْتِبْرَاءِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ تَعَبُّدًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ) ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْعِلْمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لُحُوقِ النَّسَبِ) أَيْ الْحُكْمِ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ) بِمَعْنَى الْحِكْمَةِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْعِلَّةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِالْمَقْصُودِ لِلشَّارِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ شَرْعُ الْحُكْمِ لَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مَقْصُودُ شَرْعِ الْحُكْمِ لِأَجْلِهِ أَيْ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعَاطِيفَ بِحَرْفٍ مُرَتَّبٌ كُلٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ فِي الرُّتْبَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَقَدْ اجْتَمَعَتْ أَقْسَامُ الْمُنَاسِبِ فِي النَّفَقَةِ فَنَفَقَةُ النَّفْسِ ضَرُورِيَّةٌ، وَالزَّوْجَةِ حَاجِيَّةٌ وَالْأَقَارِبِ تَحْسِينِيَّةٌ، وَيُعَبَّرُ عَنْ الْحَاجِيِّ بِالْمَصْلَحِيِّ كَمَا صَنَعَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ وَمَصْلَحِيٌّ كَنَصْبِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ كَيْ لَا تَضِيعَ حُقُوقُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ) مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ وَالْمُرَادُ حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَا غَايَتُهَا وَنِهَايَتُهَا بِدَلِيلِ تَفَاوُتِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ اشْتِرَاكِهَا فِي الْبُلُوغِ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نِهَايَةَ الضَّرُورَةِ لَمْ يَصْدُقْ بِغَيْرِ أَعْلَاهَا اهـ. نَجَّارِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَحِفْظِ الدَّيْنِ إلَخْ) الْكَافُ فِيهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّاتِ الْمُرَادَةَ هُنَا مَحْصُورَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: الْمَشْرُوعُ لَهُ قَتْلُ إلَخْ) فَالْحُكْمُ بِمَعْنَى الْمَحْكُومِ بِهِ الْقَتْلُ وَالْعِلَّةُ الْكُفْرُ وَالْمُنَاسِبُ حِفْظُ الدِّينِ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعُقُوبَةُ الدَّاعِينَ إلَخْ) الْأَوْلَى