للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْوَصْفِ فِيهِ الْمُعَرَّفِ بِقَوْلِهِ (الشَّبَهُ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِ) أَيْ ذُو مَنْزِلَةٍ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الطَّرْدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بِالذَّاتِ وَيُشْبِهُ الْمُنَاسِبَ بِالذَّاتِ مِنْ حَيْثُ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ تَكَاثَرَ التَّشَاجُرُ فِي تَعْرِيفِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ تَعْرِيفًا صَحِيحًا فِيهَا (وَقَالَ الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (هُوَ الْمُنَاسِبُ بِالتَّبَعِ) كَالطَّهَارَةِ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

الْمُعَرَّفِ بِقَوْلِهِ الشَّبَهُ إلَخْ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ وَالطَّرْدَ مِنْ قَبِيلِ الْأَوْصَافِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّبَهِ فِي التَّعْرِيفِ الْوَصْفُ لَا الْمَسْلَكُ وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الْمُسَمَّى بِالشَّبَهِ فَهُوَ كَوْنُ الْوَصْفِ شَبِيهًا أَيْ لَيْسَ مُنَاسِبًا بِالذَّاتِ، وَهُوَ مِمَّا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَتَحْقِيقُ كَوْنِهِ أَيْ الشَّبَهِ بِمَعْنَى الْوَصْفِ مِنْ الْمَسَالِكِ أَنَّ الْوَصْفَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُنَاسِبًا فَيُظَنُّ بِذَلِكَ كَوْنُهُ عِلَّةً كَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ شَبِيهًا فَيُفِيدُ ظَنًّا بِالْعِلِّيَّةِ، وَقَدْ يُنَازِعُ فِي إفَادَتِهِ الظَّنَّ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ، وَإِلَّا لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ شَبِيهًا إلَى كَوْنِهِ مُنَاسِبًا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّقَابُلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْوَصْفِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَسْلَكِ وَقَوْلُهُ الْمُعَرَّفِ صِفَةٌ لِلْوَصْفِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذُو مَنْزِلَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الشَّبَهَ بِمَعْنَى الْوَصْفِ وَأَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ وَالطَّرْدَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَسْلَكِ فَيَصِحُّ جَعْلُ التَّعْرِيفِ لِلْمَسْلَكِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إلَيْهِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْأُنُوثَةَ اُلْتُفِتَ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ نَفْيُهَا فِي نَحْوِ الْقَضَاءِ لَا الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ) أَيْ ذِي الْمَنْزِلَةِ، وَهُوَ الْوَصْفُ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: بِالتَّبَعِ) أَيْ بِالِاسْتِلْزَامِ مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَعْلِيلِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ بِكَوْنِهِ طَهَارَةً يُقَاسُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا تُنَاسِبُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ النَّجِسِ لَكِنْ تُنَاسِبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ مُنَاسِبَةٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ سم بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ جِهَةَ الْعِبَادَةِ فَهَلَّا اُشْتُرِطَتْ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ النَّجِسِ لِتَحَقُّقِ تِلْكَ الْجِهَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ لَمْ تُوضَعْ لِلتَّعَبُّدِ، وَقَدْ لَا تَكُونُ وَاجِبَةً وَلَا مَنْدُوبَةً كَإِزَالَتِهَا عَنْ أَرْضٍ فَإِنَّهَا قَدْ تُزَالُ دَفْعًا لِلِاسْتِقْذَارِ اهـ.

وَأُورِدَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْمَعُ بِالْمُسْتَلْزِمِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ لِلَازِمِ الْمُنَاسِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>