للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعَكْسِيَّةِ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ بِأَنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَكْسٌ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ وَفِي الثَّانِي لِبَعْضِهَا (وَشَاهِدُهُ) أَيْ الْعَكْسِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَيْ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ» ) فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ: «فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» فِي جَوَابِ) قَوْلِهِمْ (أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ) أَيْ الدَّاعِي إلَيْهِ قَوْلُهُ فِي تَعْدِيدِ وُجُوهِ الْبِرِّ «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ اُسْتُنْتِجَ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ أَيْ الْوِزْرُ فِي الْوَطْءِ الْحَرَامِ انْتِفَاؤُهُ فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ الصَّادِقِ بِحُصُولِ الْأَجْرِ حَيْثُ عَدَلَ بِوَضْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ الْحَرَامِ إلَى الْحَلَالِ وَهَذَا الِاسْتِنْتَاجُ يُسَمَّى قِيَاسَ الْعَكْسِ الْآتِي فِي الْكِتَابِ الْخَامِسِ وَبَادَرَ الْمُصَنِّفُ بِإِفَادَتِهِ هُنَا مَعَ الْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبْحَثُ فِي الْقَدْحِ بِتَخَلُّفِهِ كَمَا قَالَ (وَتَخَلُّفُهُ) أَيْ الْعَكْسُ بِأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ بِدُونِ الْعِلَّةِ (قَادِحٌ) فِيهَا (عِنْدَ مَانِعِ عِلَّتَيْنِ) بِخِلَافِ مُجَوِّزِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْحُكْمِ لِلْعِلَّةِ الْأُخْرَى (وَنَعْنِي بِانْتِفَائِهِ) أَيْ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (انْتِفَاءَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ) بِهِ لَا انْتِفَاءَهُ فِي نَفْسِهِ (إذْ لَا يَلْزَمُ

ــ

[حاشية العطار]

الْعَكْسَ أَوَّلًا عَلَى تَخَلُّفِهِ وَثَانِيًا عَلَى الْعَكْسِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْعَكْسِيَّةِ) أَيْ فِي حُصُولِ شَرْطِ الْعِلَّةِ مِنْ كَوْنِهَا مُنْعَكِسَةً عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُ تَعَدُّدَ الْعِلَلِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ) أَيْ مِنْ عَكْسٍ لَمْ يَثْبُتْ مُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ثَبَتَ الْحُكْمُ إلَخْ) صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ ثَبَتَتْ الْعِلَّةُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْمُقَابِلِ مُصَوَّرٌ بِمَا ذُكِرَ لَا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْعَكْسِ غَيْرِ الْأَبْلَغِ بِاللَّازِمِ فَيَكُونُ تَصْوِيرًا لِمَا مِنْ قَوْلِهِ مِمَّا إلَخْ لَا لِلنَّفْيِ أَعْنِي لَمْ يَثْبُتْ كَمَا فَهِمَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَكْسِ الَّذِي ثَبَتَ مَعَهُ الطَّرْدُ وَقَوْلُهُ، وَفِي الثَّانِي أَيْ، وَهُوَ مَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْعَكْسِ الَّذِي هُوَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لَا انْتِفَاءُ الْعِلَّةِ يَحْصُلُ بِأَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَا بِأَنْ يُسْتَدَلَّ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِأَحَدِ جُزْأَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الِاسْتِشْهَادُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى صِحَّةِ مَا فُهِمَ مِنْ الْعَكْسِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: أَرَأَيْتُمْ) أَيْ أَخْبِرُونِي، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ قَوْلُهُ «فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ» أَيْ مِثْلُ ثُبُوتِ الْوِزْرِ لِثُبُوتِ الْوَضْعِ فِي الْحَرَامِ ثُبُوتٌ أَيْضًا الصَّادِقُ بِثُبُوتِ الْأَجْرِ لِثُبُوتِ الْوَضْعِ فِي الْحَلَالِ فِي أَنَّ كُلًّا تَرَتَّبَ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الدَّاعِي إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ:) فَاعِلُ الدَّاعِي قَوْلُهُ، «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ» أَيْ وَطْئِهِ أَهْلَهُ (قَوْلُهُ: اُسْتُنْتِجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ النَّبِيُّ أَوْ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: انْتِفَاؤُهُ فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ) لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ فَفِيهِ الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْوِزْرُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْأَجْرِ لِصِدْقِ انْتِفَاءِ الْوِزْرِ بِحُصُولِهِ مَعَ اقْتِضَاءِ الْمَقَامِ بَيَانَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا انْتَفَى الْوَطْءُ الْحَرَامُ فَلَا وِزْرَ وَحِينَئِذٍ قَدْ يَثْبُتُ الْأَجْرُ اهـ. سم

(قَوْلُهُ: الصَّادِقُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ نَعْتُ الِانْتِفَاءِ وَصَحَّ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ نَظَرًا لِقِرَاءَةِ اُسْتُنْتِجَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَطْءِ الْحَلَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَرَتُّبَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَرْنِهِ بِالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ كَأَنْ يَقْصِدَ بِالْوَطْءِ الْعُدُولَ بِوَضْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ الْحَرَامِ إلَى الْحَلَالِ أَوْ حُصُولَ الْوَلَدِ لِتَكْثِيرِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَأَمَّا إذَا قُصِدَ اسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ فَلَا أَجْرَ، وَهَكَذَا كُلُّ مُبَاحٍ.

(قَوْلُهُ: وَبَادَرَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ فَاسْتَطْرَدَ أَمْرَيْنِ الْعَكْسَ وَدَلِيلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ لِلْقَوَادِحِ، وَالْعَكْسُ لَيْسَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتَخَلُّفُهُ، وَلَوْ فِي صُورَةِ قَادِحٌ) أَيْ كَمَا يَقْدَحُ تَخَلُّفُ الِاطِّرَادِ إذْ شَرْطُ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً مُنْعَكِسَةً كَمَا عُرِفَ فَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ فَهُوَ النَّقْضُ أَوْ غَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ فَهُوَ تَخَلُّفُ الْعَكْسِ فَيُقْدَحُ عِنْدَ مَانِعِ عِلَّتَيْنِ دُونَ مُجَوِّزِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: لَا انْتِفَاؤُهُ فِي نَفْسِهِ) قَالَ الْعَضُدُ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>