للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِكَافِ (لُبْثٌ فَلَا يَكُونُ بِنَفْسِهِ قُرْبَةً كَوُقُوفِ عَرَفَةَ) فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ بِضَمِيمَةِ الْإِحْرَامِ فَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ يَكُونُ قُرْبَةً بِضَمِيمَةِ عِبَادَةٍ إلَيْهِ وَهِيَ الصَّوْمُ إذْ هُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ (فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ كَعَرَفَةَ) لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي وُقُوفِهَا فَفِي هَذَا إبْطَالٌ لِمَذْهَبِ الْخَصْمِ الَّذِي لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الدَّلِيلِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ (الثَّانِي) مِنْ قِسْمَيْ الْقَلْبِ (لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ بِالصَّرَاحَةِ) كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (عُضْوُ وُضُوءٍ فَلَا يَكْفِي) فِي مَسْحِهِ (أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالْوَجْهِ) لَا يَكْفِي فِي غَسْلِهِ ذَلِكَ (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ عُضْوُ وُضُوءٍ (فَلَا يَتَقَدَّرُ غَسْلُهُ بِالرُّبُعِ كَالْوَجْهِ) لَا يَتَقَدَّرُ غَسْلُهُ بِالرُّبُعِ (أَوْ بِالِالْتِزَامِ) كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ (عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُعَوَّضِ كَالنِّكَاحِ) يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّوْجَةِ أَيْ عَدَمِ رُؤْيَتِهَا (فَيُقَالُ) مِنْ جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ كَالشَّافِعِيِّ (فَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ) ، وَنَفْيُ الِاشْتِرَاطِ يَلْزَمُهُ نَفْيُ الصِّحَّةِ إذْ الْقَائِلُ بِهَا يَقُولُ بِالِاشْتِرَاطِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَلْبِ فَيُقْبَلُ (خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي رَدِّهِ (قَلْبُ الْمُسَاوَاةِ مِثْلُ) قَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (طَهَارَةٌ بِالْمَائِعِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا لِنِيَّةٍ كَالنَّجَاسَةِ)

ــ

[حاشية العطار]

لَمْ يَشْتَرِ لِنَفْسِهِ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ مِمَّا قَدْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ حَتَّى يَكُونَ الرَّاجِحُ هُنَا كَالرَّاجِحِ ثَمَّ مِنْ وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْعَاقِدِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِيهِمَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ اهـ زَكَرِيَّا.

وَفِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الصِّحَّةَ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ وَالِدِهِ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ اقْتَصَرَا عَلَى حِكَايَةِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهَا نَاجِزَةٌ اهـ.

قَالَ النَّاصِرُ وَالسِّرُّ فِي قَوْلِهِ هُنَا يَصِحُّ لَهُ وَفِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ سَمَّاهُ أَنَّ حُكْمَ أَصْلِ الْقِيَاسِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ هُنَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ لِمَنْ سَمَّاهُ وَصِحَّةُ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ صِحَّتَهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ عِنْدَهُمْ هُوَ الْأَصَحُّ فَهِيَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ) نَظْمُ الدَّلِيلِ هَكَذَا الِاعْتِكَافُ كَالْوُقُوفِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لُبْثٌ فَلَا يَكُونُ بِنَفْسِهِ قُرْبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّوْمُ فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ الِاعْتِكَافُ كَالْوُقُوفِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لُبْثٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صَوْمٌ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُقُوفِ صَوْمٌ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي وُقُوفِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ إبْطَالُ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ بِالصَّرَاحَةِ وَلَكِنْ تَعَرَّضَ فِيهِ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ وَقَوْلُهُ بِالصَّرَاحَةِ مُتَعَلِّقٌ بِإِبْطَالٍ لَا بِمَذْهَبٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِالِالْتِزَامِ وَبِهَذَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ لَهُمَا بِالْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالصَّرَاحَةِ الدَّلَالَةُ الْمُطَابِقِيَّةُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهَا بِالِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: عُضْوُ وُضُوءٍ) أَيْ الرَّأْسُ عُضْوُ وُضُوءٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَقَدَّرُ بِالرُّبُعِ) إبْطَالٌ لِمَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ تَقْدِيرُهُ بِالرُّبُعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لَا يَثْبُتُ فَالْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاطِ الثُّبُوتُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَائِلَ بِهِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لَا أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْعَقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ لَكِنْ إذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ نَفْيُ الصِّحَّةِ) أَيْ وَالصِّحَّةُ يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَقِبَ ذَلِكَ وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ وَهَذَا لُزُومٌ اصْطِلَاحِيٌّ لَا مَنْطِقِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا نَفَى قَبُولَهُ لَا أَصْلَهُ (قَوْلُهُ: قَلْبُ الْمُسَاوَاةِ) هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةِ الْأَصْلِ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا مُنْتَفٍ عَنْ جِهَةِ الْفَرْعِ اتِّفَاقًا وَالْآخَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيُثْبِتُ الْمُسْتَدِلُّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فِي الْفَرْعِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَصْلِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فِي جِهَةِ الْفَرْعِ كَمَا وَجَبَتْ بَيْنَهُمَا فِي جِهَةِ الْأَصْلِ فَفِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ فِي جِهَةِ الْأَصْلِ عَدَمُ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ بِالْجَامِدَةِ مُنْتَفٍ عَنْ جِهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>