خَلْقُ الطَّاعَةِ، وَالْخِذْلَانُ ضِدُّهُ) فَهُوَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالدَّاعِيَةُ إلَيْهَا أَوْ خَلْقُ الْمَعْصِيَةِ (وَاللُّطْفُ مَا يَقَعُ عِنْدَهُ صَلَاحُ الْعَبْدِ أَخَرَةً) بِأَنْ تُقْطَعَ مِنْهُ الطَّاعَةُ دُونَ الْمَعْصِيَةِ
(وَالْخَتْمُ وَالطَّبْعُ وَالْأَكِنَّةُ) الْوَارِدَةُ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: ٧] {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: ١٥٥] {جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الكهف: ٥٧] عِبَارَاتٌ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ (خَلْقُ الضَّلَالِ فِي الْقَلْبِ) كَالْإِضْلَالِ (وَالْمَاهِيَّاتِ) لِلْمُمْكِنَاتِ أَيْ حَقَائِقِهَا (مَجْعُولَةً) بَسِيطَةً كَانَتْ أَوْ مُرَكَّبَةً أَيْ كُلُّ مَاهِيَّةٍ بِجَعْلِ الْجَاعِلِ وَقِيلَ: لَا مُطْلَقًا بَلْ كُلُّ
ــ
[حاشية العطار]
النَّاسِ مِنْ الْقُرَبِ وَلَوْ عَلِمَ مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَرِ وَالْغَرَرِ لَمَا تَوَلَّعَ بِهَذِهِ الشَّهْوَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْوَرْطَةِ وَغَايَةُ الْأَخْذِ عَنْهُ الْجَهْلُ وَعَدَمُ الْإِدْرَاكِ بِالْأَحْوَطِ.
(قَوْلُهُ: أَخَرَةً بِوَزْنِ دَرَجَةٍ) أَيْ آخِرَ عُمْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْمَاهِيَّاتُ إلَخْ) جَمْعُ مَاهِيَّةٍ تُطْلَقُ عَلَى مَا بِهِ يُجَابُ عَنْ السُّؤَالِ بِمَا هُوَ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا وَعَلَى مَا بِهِ الشَّيْءُ هُوَ هُوَ وَهَذَا الْمَعْنَى يُقَالُ لَهُ بِاعْتِبَارِ تَشَخُّصِهِ هُوَ بِهِ وَمَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ مَاهِيَّةً. وَبِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهِ حَقِيقَةً وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ حَقَائِقِهَا.
(قَوْلُهُ: بِجَعْلِ الْجَاعِلِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كَوْنَ الْمَاهِيَّةِ مَاهِيَّةً بِجَعْلِ الْجَاعِلِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الشَّيْءِ وَنَفْسِهِ حَتَّى يُتَصَوَّرَ بَيْنَهُمَا جَعْلٌ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ أَثَرَ الْفَاعِلِ نَفْسُ الْمَاهِيَّاتِ أَوْ الْمَاهِيَّاتُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ فَمَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ يَقُولُ إنَّهَا أَثَرٌ مُتَرَتِّبٌ عَلَى تَأْثِيرِ الْفَاعِلِ ثُمَّ الْعَقْلُ يَنْتَزِعُ مِنْهَا الْوُجُودَ وَيَصِفُهَا بِهِ فَالْوُجُودُ اعْتِبَارٌ عَقْلِيٌّ انْتِزَاعِيٌّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وُجُودُ كُلِّ شَيْءٍ عَيْنُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ وَقَالَ بِهِ الْحُكَمَاءُ الْإِشْرَاقِيُّونَ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى الثَّانِي يَقُولُ إنَّ أَثَرَ الْفَاعِلِ الْمَاهِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا مِنْ حَيْثُ نَفْسُهَا وَلَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تِلْكَ الْمَاهِيَّةَ بَلْ أَثَرَ الْفَاعِلِ. ثُبُوتُهَا فِي الْخَارِجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute