الطِّيبِ لِقَصْدِ إزَالَتِهِ وَمُعَالَجَتِهِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَمِنْهَا إذَا تَعَمَّدَ الْمَأْمُومُ سَبْقَ إمَامِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ تَعَمُّدِ السَّبْقِ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مُتَابَعَتِهِ الْإِمَامَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْعَوْدِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقِ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ، كَمَا وَرَدَتْ رِوَايَاتٌ عَنْ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ: مَتَى عَادَ الْعَامِدُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ كَامِلٍ عَمْدًا وَإِنَّمَا يَعُودُ السَّاهِي وَالْجَاهِلُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَوْدَ الْعَامِدِ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ إنَّمَا هُوَ قَطْعٌ لِلْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ وَرَجَعَ عَنْهُ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ الْوَاجِبَةِ فَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا سَبَقَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقِيقَةَ السُّجُودِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا زِيدَ هَذَا الْمِقْدَارُ عَمْدًا بَطَلَتْ بِهِ الصَّلَاةُ وَأَمَّا الْهُوَى إلَيْهِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ فَلَيْسَا مِنْ مَاهِيَّتِهِ وَإِنَّمَا هُمَا حَدَّانِ لَهُ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ قَطْعِهِمَا بِالرَّفْعِ فَإِنَّ الرَّفْعَ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ غَايَةٌ لَهُ وَفَصْلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَمَا مَضَى مِنْهُ وَوُجِدَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ، وَهُوَ سُجُودٌ تَامٌّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِزِيَادَتِهِ عَمْدًا، وَهَذَا قَدْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّبْقَ لِلرُّكْنِ عَمْدًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ فَيُقَالُ لَمَّا لَحِقَهُ الْإِمَامُ فِي هَذَا الرُّكْنِ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ فِيهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ فِي الْمُتَابَعَةِ.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ إلَّا عَلَى موجود بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ) : الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ إلَّا عَلَى مَوْجُودٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَأَمَّا الْفُسُوخُ فَتُرَدُّ عَلَى الْمَعْدُومِ حُكْمًا وَاخْتِيَارًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ حَيْثُ أَوْجَبَ الشَّارِعُ رَدَّ صَاعِ التَّمْرِ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ بَعْدَ تَلَفِهِ وَهُوَ مِمَّا وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بِفَسْخِ الْعَقْدِ فِيهِ وَرَدِّ عِوَضِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ كَامِلًا
فَأَمَّا الِانْفِسَاخُ الْحُكْمِيُّ بِالتَّلَفِ فَفِي مَوَاضِعَ
: مِنْهَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ الْمُبْهَمُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَفِي عِوَضِهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ مُثْمَنًا.
وَمِنْهَا إذَا تَلِفَتْ الثِّمَارُ الْمُشْتَرَاةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قَبْلَ جَدِّهَا بِجَائِحَةٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ فِيهَا.
وَمِنْهَا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا.
وَأَمَّا الْفَسْخُ الِاخْتِيَارِيُّ فَكَثِيرٌ
، وَمِنْ مَسَائِلِهِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ هَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ أَمْ لَا يَسْقُطُ؟ وَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَعْرُوفَتَيْنِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ إنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ تَلِفَ عَنْهُ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهُ فَلَهُ الْقِيمَةُ [فَفَرَّقَ بَيْنَ التَّلَفِ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَبَيْنَ التَّفْوِيتِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَأَجَازَ الْفَسْخَ] مَعَ بَقَائِهَا لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ التَّلَفِ وَأَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute