للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا تَبِعَهَا.

وَإِنْ قُلْنَا هُوَ كَسْبٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى سَلَامَةِ الِاكْتِسَابِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالْعِشْرُونَ الْعَيْنُ الْمُنْغَمِرَة فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهَا]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) : الْعَيْنُ الْمُنْغَمِرَةُ فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهَا فَهَلْ هِيَ كَالْمَعْدُومَةِ حُكْمًا أَوْ لَا؟ .

فِيهِ خِلَافٌ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَسَائِلُ: (وَمِنْهَا) الْمَاءُ الَّذِي اُسْتُهْلِكَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا سَقَطَ حُكْمُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَرِوَايَتَانِ ثُمَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا سَقَطَ حُكْمُهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ الْمَاءُ أَحَالَهَا لِأَنَّ لَهُ قُوَّةَ الْإِحَالَةِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا وُجُودٌ بَلْ الْمَوْجُودُ غَيْرُهَا فَهُوَ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ.

(وَمِنْهَا) اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ الْمُنْغَمِرِ فِيهِ هَلْ يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَثْبُتُ.

وَالثَّانِي: لَا وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا يُحَرَّمُ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ كُلَّهُ وَلَوْ فِي دَفْعَاتٍ وَيَكُونُ رَضْعَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ خَلَطَ خَمْرًا بِمَاءٍ وَاسْتُهْلِكَ فِيهِ ثُمَّ شَرِبَهُ لَمْ يُحَدَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَسَوَاءٌ قِيلَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ لَا.

وَفِي التَّنْبِيهِ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَنْ لَتَّ بِالْخَمْرِ سَوِيقًا أَوْ صَبَّهَا فِي لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ جَارٍ ثُمَّ شَرِبَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يُسْتَهْلَكَ أَوْ لَا يُسْتَهْلَكُ.

(وَمِنْهَا) لَوْ خَلَطَ زَيْتَهُ بِزَيْتِ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ فَهَلْ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ بِحَيْثُ يَجِبُ لِصَاحِبِهِ عِوَضُهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ أَوْ هُوَ اشْتِرَاكٌ.

فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ الْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْحَارِثِ أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَاخْتَارَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُخْتَلَطُ غَصْبًا فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ هَذَا قَدْ اخْتَلَطَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ كُلَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يُخْرِجُ مِنْهُ قَدْرَ مَا خَالَطَهُ.

وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ التَّحْرِيمَ لِامْتِزَاجِ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ وَاسْتِحَالَةِ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّهَا قِسْمَةٌ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ، لَكِنْ لِأَصْحَابِنَا وَجْهٌ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الِانْفِرَادَ بِالْقِسْمَةِ دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الدَّرَاهِمِ، وَمَنَعَهُ الْقَاضِي لَكِنَّهُ قَالَ فِي خِلَافِهِ إنْ كَانَ الْحَقُّ فِي الْقَدْرِ الْمُخْتَلَطِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ بِدُونِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَاَلَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُ مَالِكِهِ وَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ، فَلِلْمَالِكِ الِاسْتِبْدَادُ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيّ يُخْرِجُ الْعِوَضَ مِنْهُ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ [أَنْ] يُخْرِجَ بَدَلَهُ عِوَضًا مِنْهُ وَكَذَا سَاقَهُ

<<  <   >  >>