للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ إنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنْ يُخَيَّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَضَمَانِ الْمُسَمَّى لَهَا وَبَيْنَ إسْقَاطِ الْمُسَمَّى.

وَمِنْهَا: فَسْخُ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا مَهْرَ لَهَا اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ وَغَيْرُهُ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ كَالْحُرَّةِ، وَالثَّانِيَة: يَنْتَصِفُ الْمَهْرُ نَقَلَهَا مُهَنَّا وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ مُسْتَحِقُّ الْمَهْرِ فَلَا يَسْقُطُ بِفَسْخِ غَيْرِهِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إعْتَاقَ السَّيِّدِ لِسَبَبٍ فِي الْفَسْخِ يُسْقِطُ حَقَّهُ لَتَسَبُّبِهِ فِي سُقُوطِهِ.

وَإِنْ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ، كَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَلْقِ مَتَاعِي فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ.

[الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الزَّوْجَانِ]

ِ وَلَهُ صُوَرٌ.

مِنْهَا: لِعَانُهَا فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ جَاءَتْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِلِعَانِهَا.

وَقَالَ الْقَاضِي: يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصْلُهُمَا إذَا لَاعَنَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهَلْ تَرِثُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُخَالِعَهَا وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَلِأَنَّ لَنَا فِيهِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يُسْقِطُ الْمَهْرَ كُلَّهُ إذَا قُلْنَا هُوَ فَسْخٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنْسُوبًا إلَيْهِمَا، فَيَكُونُ كَالتَّلَاعُنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ طَلَاقٌ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفِ فَقَبِلَتْهُ، وَيَتَخَرَّجُ لَنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ طَلَاقٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا بِسُؤَالِهَا وَلِهَذَا كَانَ لَنَا فِيمَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا فِي مَرَضِهِ هَلْ تَرِثُهُ أَوْ لَا؟ رِوَايَتَانِ. وَجَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ حِينَئِذٍ، يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الْخُلْعَ يُسْقِطُ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ كُلَّهَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَنِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ الْحُقُوقِ فَيَسْقُطُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

[الْقِسْمُ الْخَامِسُ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ]

ٍّ وَلَهُ صُوَرٌ.

مِنْهَا: شِرَاؤُهَا لِلزَّوْجِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَنْتَصِفُ بِهَا الْمَهْرُ تَغْلِيبًا لِجِهَةِ الْأَجْنَبِيِّ هُنَا وَهُوَ الْبَائِعُ، إذْ هُوَ أَصْلُ الْعَقْدِ وَمِنْهُ نَشَأَ وَعَنْهُ تَلَقَّى.

وَالثَّانِي: يَسْقُطُ الْمَهْرُ تَغْلِيبًا لِجِهَةِ الزَّوْجَةِ إذْ الِانْفِسَاخُ مُتَعَقِّبٌ لِقَبُولِهَا، فَأَمَّا شِرَاءُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فَهَلْ يَتَنَصَّفُ بِهِ الْمَهْرُ أَوْ يَسْقُطُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يَسْقُطُ تَغْلِيبًا لِجِهَةِ الْبَائِعِ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ الْمُسْتَحِقُّ لِمَهْرِهَا فَهُوَ كَمَجِيءِ الْفَسْخِ مِنْ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِلْمَهْرِ، وَهَذَا مُتَّجِهٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي فَسْخِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَهَا السَّيِّدُ الَّذِي زَوَّجَهَا لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهَا الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَهْرِ. هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَعَلَّلَ صَاحِبُ الْكَافِي سُقُوطَ الْمَهْرِ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ شَارَكَتْهُ فِي الْفَسْخِ فَسَقَطَ مَهْرُهَا كَالْفَسْخِ بِعَيْبٍ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ كَوْنَهَا أَمَةً صِفَةٌ لَهَا ثَابِتَةٌ بَعْدَ مِلْكِ الزَّوْجِ وَذَلِكَ يُوجِبُ الْفَسْخَ فَأُسْنِدَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهَا، كَمَا اسْتَنَدَ فَسْخُهَا لِعَيْبِ الزَّوْجِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ. وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهَا مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ.

<<  <   >  >>