للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ بِالْمَوْتِ أَمَّا إنْ قِيلَ هِيَ قَبُولٌ قَبْلَ الْقَبُولِ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَهُوَ كَبِنَاءِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ وَغَرْسِهِ، فَيَكُونُ مُحْتَرَمًا يُتَمَلَّكُ بِقِيمَتِهِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ بِيعَ شِقْصٌ فِي شَرِكَةِ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ قَبْلَ قَبُولِهِ فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِلْوَرَثَةِ فِي الشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ فِيهَا

(وَمِنْهَا) جَرَيَانُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهَا الْمُوصَى لَهُ جَرَى فِي حَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا لِلْوَرَثَةِ فَهَلْ يَجْرِي فِي حَوْلِهِمْ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ سَنَةً كَانَتْ زَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ فِيهِ وَتَزَلْزُلِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِهِ فَهُوَ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ الدَّيْنُ هَلْ يَمْنَعُ انْتِقَالَ التَّرِكَةِ إلَى الْوَرَثَةِ أَمْ لَا]

[الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ] الدَّيْنُ هَلْ يَمْنَعُ انْتِقَالَ التَّرِكَةِ إلَى الْوَرَثَةِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا الِانْتِقَالُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هِيَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَنْتَقِلُ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَجَاءَ الْغُرَمَاءُ يَبْتَغُونَ الْمَالَ وَقَالَ أَحَدُ بَنِيهِ: أَنَا أُعْطِي رُبْعَ الدَّيْنِ وَدَعُوا لِي رُبْعَ الدَّارِ قَالَ أَحْمَدُ: هَذِهِ الدَّارُ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَرِثُونَهَا، يَعْنِي الْأَوْلَادَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى وَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا بَيْنَ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمُتَجَدِّدَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ مِنْهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَحْوِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي. وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ اعْتِبَارُهُ حَيْثُ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ، وَكَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ كَالصَّرِيحِ فِي قِيمَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ مِنْ الِانْتِقَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِانْتِقَالِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِهَا جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهَا الدَّيْنُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَهَلْ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِهَا تَعَلُّقُ رَهْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَتَحَرَّرُ بِتَحْرِيرِ مَسَائِلَ:

(إحْدَاهَا) هَلْ يَتَعَلَّقُ جَمِيعُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا أَوْ يَتَقَسَّطُ؟ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بِالْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا انْقَسَمَ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ وَتَعَلَّقَ بِحِصَّةِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْهُمْ قِسْطُهَا مِنْ الدَّيْنِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا رَهَنَهُ الشَّرِيكَانِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا.

(وَالثَّانِيَةُ) : هَلْ يَمْنَعُ هَذَا التَّعَلُّقُ مِنْ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ؟ وَسَنَذْكُرُهُ وَالثَّالِثَة هَلْ يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ مَعَ الذِّمَّةِ؟ فِيهِ لِلْأَصْحَابِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا يَنْتَقِلُ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَابْنُ عَقِيلٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِالْمُؤَجَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالْقَوْلِ بِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ.

وَالثَّانِي: هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ.

وَالثَّالِثُ: يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَرُدَّ بِلُزُومِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فِيهَا بِالتَّلَفِ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ فَوَائِدُ:

(مِنْهَا) نُفُوذُ تَصَرُّفِ الْوَرَثَةِ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ النُّفُوذِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِانْتِقَالِ فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَنْفُذُ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ

<<  <   >  >>