للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ أَعْنِهَا، فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ، وَهَذَا تَوَقُّفٌ مِنْهُ، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ النِّيَّةُ تَعُمُّ الْخَاصَّ وَتُخَصِّصُ الْعَامَّ]

(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : النِّيَّةُ النِّيَّةُ تَعُمُّ الْخَاصَّ وَتُخَصِّصُ الْعَامَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِيهَا، وَهَلْ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ أَوْ تَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ النَّصِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِيهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:

أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا: لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَا تَرَكْت هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَخَرَجَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَابِ فَخَرَجَ فَقَدْ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ لَا تَدَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَدَعْهُ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْتُك تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا تَدْخُلَهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَدَخَلَتْ وَلَمْ يَرَهَا حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى إذَا رَآهَا فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَرَاهَا تَدْخُلُهَا.

وَقَرَّرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَنَحْوَهُ مَوْضُوعٌ فِي الْعُرْفِ لِعُمُومِ الِامْتِنَاعِ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ، فَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمُومِ بَلْ إذَا أَطْلَقَ اقْتَضَى الِامْتِنَاعَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ فَمَا فَوْقَهُ خَاصَّةً، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ يُرِيدُ هِجْرَانَ قَوْمٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ بَيْتًا آخَرَ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْكَحَّالِ.

وَمِنْهَا: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ الْمَاءَ وَنَوَى الِامْتِنَاعَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَنِثَ بِتَنَاوُلِ كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَهُ وَنَوَى أَنْ لَا يُؤْلِمَهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَا يُؤْلِمُهُ مِنْ خَنْقٍ وَعَضٍّ وَغَيْرِهِمَا نَصَّ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ يَقْصِدُ هِجْرَانَهَا بِذَلِكَ حَنِثَ بِوَطْئِهَا، أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ.

وَمِنْهَا: لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَحَلَفَ لَا رَاجَعْتهَا وَأَرَادَ الِامْتِنَاعَ مِنْ عَوْدِهَا إلَيْهِ مُطْلَقًا حَنِثَ بِتَزَوُّجِهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَا خَرَجْت مِنْ بَيْتِهِ لِتَهْنِئَةٍ وَلَا تَعْزِيَةٍ، وَنَوَى أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا، هَلْ يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا لِغَيْرِ تَهْنِئَةٍ وَلَا تَعْزِيَةٍ؟ فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهَا، وَأَنَّ الْقَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ لَهُ مُقْتَضَى مَذْهَبِكُمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فِي الْخُرُوجِ، وَلَا يُوجَدُ الْمَقْصُودُ فِي كُلِّ خُرُوجٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ قَطْعَ الْمِنَّةِ، فَإِنَّ الْمِنَّةَ تُوجَدُ فِي غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.

<<  <   >  >>