للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَالِكِهِ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ هَلْ يَبْرَأُ بِهِ أَمْ لَا؟ وَحَكَى فِيهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ يَحْمِلُ مِنَّتَهُ وَرُبَمَا كَافَأَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمَالِكَ تَسَلَّمَهُ تَسْلِيمًا تَامًّا وَعَادَتْ سَلْطَنَتُهُ إلَيْهِ فَبَرِئَ [الْغَاصِبُ] بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَهُ إلَيْهِ فَأَكَلَهُ فَإِنَّهُ أَبَاحَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ [إيَّاهُ] فَلَمْ يَعُدْ إلَى سَلْطَنَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَالِكِ تَعُودُ إلَيْهِ بِعَوْدِ مِلْكِهِ عَلَى طَرِيقِ الْهِبَةِ مِنْ الْغَاصِبِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْحَالِ.

[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْحَقُّ بِهِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ]

(الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ) : مَنْ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْحَقُّ بِهِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِبَدَلِهِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ وَلَهَا صُوَرٌ: مِنْهَا بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ وَهَبَ ثَمَنَهَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ ثُمَّ بَانَ بِهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا وَالْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ فَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَنَّهُ إذَا رَدَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَيَتَخَرَّجُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ فَيَرْجِعُ بِالْهِبَةِ دُونَ الْإِبْرَاءِ وَسَنَذْكُرُ أَصْلَهُ وَلَوْ ظَهَرَ هَذَا الْمَبِيعُ [مَعِيبًا] بَعْدَ أَنْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا يُخَرِّجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّهِ وَالْأُخْرَى يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُ تَبَرُّعًا فَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِئَلَّا تَجْتَمِعَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ وَبَعْضِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ ذَلِكَ.

وَمِنْهَا لَوْ تَقَايَلَا فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هِبَةِ ثَمَنِهَا أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ.

وَمِنْهَا لَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ عَيْنًا فَوَهَبَتْهَا مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِبَدَلِ نِصْفِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ فَهَلْ يَرْجِعُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ.

وَمِنْهَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمَكَاتِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيتَاءِ الْوَاجِبِ أَمْ لَا؟ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَهَا عَلَى الْخِلَافِ وَضَعَّفَ صَاحِبُ الْمُغْنِي ذَلِكَ لِأَنَّ إسْقَاطَهُ عَنْهُ يَقُومُ مَقَامَ إيتَائِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ إيتَاؤُهُ وَاسْتَوْفَى الْبَاقِيَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ شَيْئًا، وَأَيْضًا فَالسَّيِّدُ أَسْقَطَ عَنْ الْمُكَاتَبِ مَا وُجِدَ سَبَبُ إيتَائِهِ إيَّاهُ فَقَامَ مَقَامَ الْإِيتَاءِ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمَرْأَةِ الصَّدَاقَ قَبْلَ الطَّلَاقِ.

<<  <   >  >>