رَدِّ مُهُورِهِنَّ ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَالَ لِلْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَنْ اخْتَارَ الْوُجُوبَ كَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مَنَعَ أَنْ يَكُونَ رَدُّ النِّسَاءِ مَشْرُوطًا فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَنَعَ عَدَمَ جَوَازِ شَرْطِ رَدِّ الْمَهْرِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَشْرُوطًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
وَمِنْهَا: خُلْعُ الْمُسْلِمِ زَوْجَتَهُ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِ تَحْرِيمَهُ كَخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ: هُوَ كَالْخُلْعِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ فَإِذَا صَحَّحْنَاهُ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ شَيْءٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ عَلَى ذَلِكَ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ يَرْجِعُ إلَى الْمَهْرِ كَالنِّكَاحِ، وَيُحْتَمَلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ فِي خُلْعِ الْأَمَةِ عَلَى سِلْعَةٍ بِيَدِهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيُتْبَعُ بِقِيمَتِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَمِنْهَا: مُخَالَعَةُ الْأَبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْأَبِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجْهًا بِجَوَازِهِ بِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ فَمَا بُذِلَ مَالُهَا إلَّا فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ فَلَا يَكُونُ تَبَرُّعًا، وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ فِيهَا أَنَّ لِلْأَبِ الْعَفْوَ عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي احْتِمَالًا فِي وَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالسَّفِيهَةِ وَالْمَجْنُونَةِ مُطْلَقًا إذَا رَأَى الْحَظَّ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ.
وَمِنْهَا: إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَلَمْ تُقْبَلْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا وَلَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ بِأَلْفٍ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مَالٌ مَحْضٌ وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا أَنَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ فِيهِمَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ الْعِوَضُ بِرُكْنٍ فِيهِمَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْهُمَا عَلَيْهِ بَلْ أَوْقَعَهُمَا مُنْجِزًا وَشَرَطَ فِيهِمَا الْعِوَضَ، فَإِذَا لَمْ يَلْتَزِمَا الْعِوَضَ لُغِيَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ.
[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ كُلُّهُ لِلْمَرْأَةِ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاء]
[الْأَوَّلُ الْوَطْءُ]
(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ كُلُّهُ لِلْمَرْأَةِ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: الْوَطْءُ فَيَتَقَرَّرُ بِهِ الْمَهْرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُهُ كَاللَّمْسِ لِلشَّهْوَةِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ أَوْ إلَى جَسَدِهَا وَهِيَ عَارِيَّةٌ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَطْءِ وَجَعَلَهُ مُقَرَّرًا رِوَايَةً وَاحِدَة ; لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَوْ رِوَايَتَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ فِعْلُ ذَلِكَ فِي الْمَلَأِ اسْتَقَرَّ بِهِ الْمَهْرُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ خَلْوَةٌ مِثْلُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ تَغْتَسِلُ وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ.
[الثَّانِي الْخَلْوَةُ مِمَّنْ يُمْكِنُ الْوَطْءُ بِمِثْلِهِ]
وَالثَّانِي: الْخَلْوَةُ مِمَّنْ يُمْكِنُ الْوَطْءُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ ثُمَّ مَانِعٌ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْجَبِّ وَالرَّتَقِ أَوْ شَرْعِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute