للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَحَدِهِمَا اعْتِقْ نَصِيبَكَ عَنِّي عَلَى هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ فَفَعَلَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمَسْئُولِ عَنْ السَّائِلِ وَهَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ إلَى حِصَّةِ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ . إنْ قُلْنَا: إنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لَمْ يَسْرِ لِأَنَّ الْمَسْئُولَ مَلَكَهَا عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يَبْقَ فِي مِلْكِ السَّائِلِ شَيْءٌ فَصَارَ مُعْسِرًا وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَعَيَّنُ سَرَى إلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ النَّصِيبَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِقِيمَةِ حِصَّةِ الْآخَرِ وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ وَيُفِيدُ هَذَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ.

[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ الْعَبْدُ هَلْ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا]

(السَّابِعَةُ) الْعَبْدُ هَلْ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ. أَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ.

وَالثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ اخْتَارَهَا ابْنُ شَاقِلَا وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي

وَلِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ جِدًّا (فَمِنْهَا) لَوْ مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ مَالًا زَكَوِيًّا فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ فَزَكَاتُهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهُ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُزَلْزَلٌ وَلِهَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِيهِ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ رَحِمُهُ بِالشِّرَاءِ هَذَا مَا قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ إيمَاء إلَيْهِ وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ رِوَايَةَ وُجُوبِ زَكَاتِهِ عَلَى الْعَبْدِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ اشْتَرَطَ مَعَ ذَلِكَ إذْنَ السَّيِّدِ ; لِقَوْلِ أَحْمَدَ فَيُزَكِّيه بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ وَزَكَاتَهُ عَلَيْهِ.

وَالْعَبْدُ كَالْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ فَلَا يُزَكِّي بِدُونِ إذْنِهِ وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِوُجُوبِ زَكَاتِهِ عَلَى السَّيِّدِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ إمَّا مِلْكٌ لَهُ أَوْ فِي حُكْمِ مِلْكِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ.

(وَمِنْهَا) إذَا مَلَّكَهُ السَّيِّدُ وَأَهَلَّ عَلَيْهِ هِلَالُ الْفِطْرِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ فَفِطْرَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا فِطْرَةَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ، قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ اعْتِبَارًا بِزَكَاةِ الْمَالِ كَمَا سَبَقَ

وَالثَّانِي: فِطْرَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ، صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ فِطْرَتُهُ.

(وَمِنْهَا) تَكْفِيرُهُ بِالْمَالِ فِي الْحَجِّ وَالْأَيْمَانِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهَا، وَفِيهِ لِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ أَحَدُهَا الْبِنَاءُ عَلَى مِلْكِهِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَلَهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ ; لِأَنَّ التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ هَذَا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ خَاصَّةً وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ وَهَلْ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقْتَضِي الْوَلَاءَ وَالْوِلَايَةَ وَالْإِرْثَ وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِهَا.

وَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ أَوْ يَجُوزُ لَهُ مَعَ إجْزَاءِ الصِّيَامِ الْمُتَوَجِّهِ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مَالٌ فَأَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ بِالتَّكْفِيرِ مِنْهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ بَلْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَمْلِكَهُ لِيُكَفِّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ إذَا بُذِلَ لَهُ مَالٌ. وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّلُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ لُزُومِ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فِي الْحَجِّ وَنَفْيِ اللُّزُومِ فِي الظِّهَارِ

<<  <   >  >>