للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرِيكًا بِعَمَلِهِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الْعَمَلَ وَرَجَعَ عَلَى الْأَجِيرِ بِالْأَرْشِ وَذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَمَلِ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَأْتِ الْحَائِكُ بِالثَّوْبِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْغَزْلِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَنْسُوجًا وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ هَهُنَا بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغَزْلِ.

ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَيْمُونِيِّ هَذِهِ وَقَالَ هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ اخْتَارَ تَقْوِيمَهُ مَعْمُولًا وَالْتَزَمَ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ الَّتِي هِيَ دُونَ الَّتِي وَافَقَهُ عَلَيْهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بَعِيدٌ جِدًّا أَنْ يُضَمِّنَ الْمَالِكُ الصَّانِعَ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَعَ بَقَائِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: يُنْظَرُ مَا بَيْنَهُمَا فَيُرْجَعُ بِهِ عَلَى الصَّانِعِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ خَاصَّةً.

وَأَيْضًا فَلَوْ غَصَبَ غَزْلًا وَنَسَجَهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَالِكُ الْتِزَامَهُ بِهِ وَيُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ مُطَالَبَةَ الْأَجِيرِ بِذَلِكَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ وَدَفْعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَتَى كَانَ الْعَمَلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ إنْقَاذًا لَهُ مِنْ التَّلَفِ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ كَانَ جَائِزًا كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا خِيفَ مَوْتُهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَيُفِيدُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا نَقَضَ بِذَبْحِهِ.

[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ فِيمَنْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ) : فِيمَنْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْ أَدَّى وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ

وَالثَّانِي: مَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ.

فَأَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا: إذَا قَضَى عَنْهُ دَيْنًا وَاجِبًا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ، وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ وَيُشْهِدَ عَلَى نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلَوْ نَوَى التَّبَرُّعَ أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَاشْتَرَطَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُمْتَنِعًا مِنْ الْأَدَاءِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنْ لَا رُجُوعَ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إذْنِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَا الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِلَافِ لِلْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْأَكْثَرِينَ وَهَذَا فِي دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ.

فَأَمَّا دُيُونُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا مَنْ أَدَّاهَا عَمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَ الْقَاضِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَدَاءَهَا بِدُونِ إذْنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى نِيَّتِهِ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا لَوْ حَجَّ رَجُلٌ عَنْ مَيِّتٍ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَقُلْنَا يَصِحُّ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ فِي نَذْرٍ أَوْ أَطْعَمَ عَنْهُ فِي كَفَّارَةٍ وَقُلْنَا يَصِحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ هُنَا وَيَكُونُ كَأَدَاءِ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ عَنْ الْجَمِيعِ.

وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَسِيرًا مُسْلِمًا حُرًّا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَطْلَقَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ

<<  <   >  >>