للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهِ.

وَذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِمَا جَزَاءَيْنِ كَامِلَيْنِ، أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى الْمُمْسِكِ لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ قَبْلَ إرْسَالِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الَّذِي فِي يَدِهِ عَلَى الْقَاتِلِ بِمَا غَرِمَهُ ; لِأَنَّهُ قَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانًا كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِالْإِرْسَالِ، وَصَرَّحَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ إذَا أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا فِي الْمُطَالَبَةِ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا اخْتَلَفَ حَالُ الْمَضْمُونِ فِي حَالَيْ الْجِنَايَةِ وَالسِّرَايَةِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا اخْتَلَفَ حَالُ الْمَضْمُونِ فِي حَالَيْ الْجِنَايَةِ وَالسِّرَايَةِ. فَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ، لَكِنْ يَتَفَاوَتُ قَدْرُ الضَّمَانِ فِيهِمَا، فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ السِّرَايَةِ أَوْ حَالِ الْجِنَايَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُهْدَرًا فِي الْحَالَيْنِ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ مُهْدَرَةً وَالسِّرَايَةُ فِي حَالِ الضَّمَانِ فَتُهْدَرُ تَبَعًا لِلْجِنَايَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَالرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ الضَّمَانِ وَالسِّرَايَةُ فِي حَالِ الْإِهْدَارِ، فَهَلْ يَسْقُطُ الضَّمَانُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَمْثِلَةٌ مِنْهَا: لَوْ جَرَحَ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ دِيَةُ ذِمِّيٍّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، اخْتَارَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وُجُوبَ دِيَةِ ذِمِّيٍّ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ، وَابْنُ حَامِدٍ وُجُوبَ دِيَةِ مُسْلِمٍ.

وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَالدِّيَةُ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَرْشَ جُرْحِهِ حَيًّا فَمَلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَانْتَقَلَ مَا مَلَكَهُ إلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ.

وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ، فَهَلْ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِدِيَتِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ لَا بِالدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلَافِهِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ أَيْضًا.

وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ فِيمَنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَأُعْتِقَتْ ثُمَّ أَسْقَطَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ هُوَ حُرٌّ وَعَلَيْهِ دِيَتُهُ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوِلَادَةِ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَحَكَى عَنْهُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ الدِّيَةِ.

وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ ابْنَ حَامِدٍ أَوْجَبَ دِيَةَ حُرٍّ لِلْمَوْلَى مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ أَوْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ احْتِمَالًا بِوُجُوبِ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ.

وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَفِي الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ قِيمَةُ عَبْدٍ، ثُمَّ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَجَمِيعُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي

<<  <   >  >>