للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ الْجُرْحِ وَقَالَ إنَّمَا حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ بِاضْطِرَابِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاضْطِرَابِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَمَا يَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ.

وَمِنْهَا: لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالنِّكَاحِ وَقَدْ ثَبَتَ الطَّلَاقُ فَهَلْ يَجِبُ بِهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفُهُ فَقَطْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْمَهْرُ كُلُّهُ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُسْقِطٌ وَلَا لِبَعْضِهِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ.

وَالثَّانِي: يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ ; لِأَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِالدُّخُولِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي.

وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: إنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نِصْفِ الْمَهْرِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي وُجُوبِهِ كُلِّهِ.

وَمِنْهَا: إذَا رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ ثُمَّ غَابَ وَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ غَيْر سَهْمِهِ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا مُوحِيًا ثُمَّ سَقَطَ فِي مَاءٍ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُبَاحُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُشَارَكَةِ سَبَبٍ آخَرَ فِي قَتْلِهِ، وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَيَوَانِ حَتَّى يُتَيَقَّنَ سَبَبُ إبَاحَتِهِ، لَكِنَّ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ مُعْتَضَدٌ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِهَذَا السَّبَبِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَمِنْهَا: إذَا جَاءَ بَعْضُ الْعَسْكَرِ بِمُشْرِكٍ فَادَّعَى الْمُشْرِكُ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَمَّنَهُ وَأَنْكَرَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.

إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِي إنْكَارِ الْأَمَانِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَمَانِ.

وَالثَّانِيَة: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْرِكِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الدِّمَاءِ الْحَظْرُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِبَاحَةِ، وَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ هُنَا فِيهَا.

وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ مِنْهُمَا تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ بِالظَّاهِرِ الْمُوَافِقِ لَهُ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ وَادَّعَى أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ عَقَدَ لَهُ أَمَانًا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ جَاءَ مُسْتَأْمَنًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ سِلَاحٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِلَّا قُبِلَ فَيُخَرَّجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ.

[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا تُرِكَ الْعَمَلُ فِيهِ بِالْأَصْلِ لِلْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ قَوْلُ مَنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ]

(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ حُجَّةً يَجِبُ قَبُولُهَا شَرْعًا كَالشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَالْإِخْبَارِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مُسْتَنِدُهُ الْعُرْفُ أَوْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ أَوْ الْقَرَائِنُ أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَتَارَةً يُعْمَلُ بِالْأَصْلِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الظَّاهِرِ، وَتَارَةً يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَصْلِ، وَتَارَةً يُخَرَّجُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ. مَا تُرِكَ الْعَمَلُ فِيهِ بِالْأَصْلِ لِلْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ قَوْلُ مَنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا: مِنْهَا: شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ مَنْ عُلِمَ اشْتِغَالُ ذِمَّتِهِ بِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ.

وَمِنْهَا: إخْبَارُ الثِّقَةِ الْعَدْلِ بِأَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذِهِ الْإِنَاءِ.

<<  <   >  >>