للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْغَاصِبِ الْفَقِيرِ إذَا تَابَ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَتَخَرَّجُ فِي إعْطَاءِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ الْوَجْهَانِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُحَابِي بِهِ أَصْدِقَاءَهُ بَلْ يُعْطِيهِمْ أُسْوَةً بِغَيْرِهِمْ نَقَلَهُ عَنْهُ صَالِحٌ وَكَذَا نَقَلَ عَنْهُ الْمَرُّوذِيّ إذَا دَفَعَهَا إلَى أَقَارِبَ لَهُ مُحْتَاجِينَ إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْمُحَابَاةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَابِهِمْ فَقَدْ تَصَدَّقَ وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ إذَا كَانَ لَهُ إخْوَانٌ مَحَاوِيجُ قَدْ كَانَ يَصِلُهُمْ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُ اسْتَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمْ وَقَالَ لَا يُحَابِي بِهَا أَحَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَعَلَ إعْطَاءَهُمْ مَعَ اعْتِبَارِ صِلَتِهِمْ مُحَابَاةً فَكَذَلِكَ اسْتَحَبَّ الْعُدُولَ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ وَصَّى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ الْعَبْدِ نَفْسِهِ فَيَعْتِقُ، عَلَيْهِ نَصَّ، وَيُكَمِّلُ عِتْقَهُ مِنْ بَاقِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لِلْوَصِيَّةِ مَشْرُوطٌ بِعِتْقِهِ فَكَذَلِكَ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ ضَرُورَةُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ.

[الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَة وَالسَّبْعُونَ فِيمَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ إذْنِ مُسْتَحِقِّيهَا]

(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَة وَالسَّبْعُونَ) : فِيمَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ إذْنِ مُسْتَحِقِّيهَا وَهِيَ نَوْعَانِ: مَمْلُوكٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَمَمْلُوكٌ لِلْغَيْرِ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَالُ الزَّكَاةِ

فَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِمَّا تَتُوقُ إلَيْهِ الْأَنْفُسُ وَيَشُقُّ الِانْكِفَافُ عَنْهُ مِنْ الثِّمَارِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَيُطْعِمُ الْأَهْلَ وَالضِّيفَانَ وَلَا يَحْتَسِبُ زَكَاتَهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْخَارِصِ أَنْ يَدَعَ خَرْصَهُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيه الْحَالُ مِنْ كَثْرَةِ الْحَاجَةِ وَقِلَّتِهَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَإِنْ اُسْتُبْقِيَتْ وَلَمْ تُؤْكَلْ رَطْبَةً رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِزَكَاتِهَا، وَأَمَّا الزُّرُوعُ فَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ فَرِيكًا وَنَحْوَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِهْدَاءُ مِنْهَا، وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِي الْأَكْلِ مِنْهَا وَجْهَيْنِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ الزُّرُوعِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حَافِظٌ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَيَنْقَسِمُ إلَى مَا لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ وَإِلَى مَا لَهُ مَالِكٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَأَمَّا مَا لَهُ مَالِكٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ فَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَهُوَ الْمُهْدِي وَالْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَدَّخِرَ وَيُهْدِيَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، وَهَلْ يَجُوزُ أَكْلُ أَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا الْجَوَازُ، وَهَلْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْهَدْيَ أَثْلَاثًا كَالْأَضَاحِيِّ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كُلَّهُ أَوْ بِمَا يَأْكُلُهُ مِنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَمَّا مَا لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ فَنَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِحِفْظِ نَفْسِهِ كَالرَّهْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِمَّا بِيَدِهِ إذَا كَانَ دَارًا وَالِانْتِفَاعُ بِظَهْرِهِ إذَا كَانَ مَرْكُوبًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُعَاوِضَ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْهُ أَيْضًا بِقَدْرِ عَمَلِهِ.

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا وَلِيُّ الْيَتِيمِ يَأْكُلُ مَعَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَهَلْ يَرُدُّهُ إذَا أَيْسَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ

<<  <   >  >>