للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَحْضَةِ فَنَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا فِيهِ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ لِثُبُوتِ بَعْضِ أَحْكَامِهَا دُونَ حَقِيقَتِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ فَيُضْمَنُ بِالْيَدِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وَكَذَلِكَ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ.

وَالثَّانِي: الْحُرُّ الْمَحْضُ هَلْ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَمْ لَا؟ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحُرَّ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ فَلَا يَضْمَنُ بِهَا بِحَالٍ وَلَوْ كَانَ تَابِعًا لِمَنْ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ كَمَنْ غَصَبَ أَمَةً حَامِلًا بِحُرٍّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بِمَا يُشْعِرُ أَنَّهُ مَحِلُّ وِفَاقٍ حَكَى الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَيْضًا وَتَابَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَضَمَانُهُ بِالتَّلَفِ تَحْتَهَا رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ لِشَبَهِهِ بِالْعَبْدِ حَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ دَعْوَى نَسَبِهِ مَعَ جَهَالَتِهِ وَدَعْوَى رِقِّهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ خِلَافِهِ: تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَى الْحُرِّ الْكَبِيرِ بِالْعَقْدِ دُونَ الْيَدِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ إذَا أَسْلَمَ نَفْسَهُ إلَى مُسْتَأْجِرِهِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ اسْتَقَرَّتْ لَهُ الْأُجْرَةُ لِتَلَفِ مَنَافِعِهِ تَحْتَ يَدِهِ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْخَلْوَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عِنْدَنَا لِدُخُولِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ الْيَدِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَدَاعَى اثْنَانِ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَهِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ تَرْجِيحًا بِالْيَدِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِنَا بِتَقَدُّمِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجْهًا بِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ دُونَ ذَاتِهِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ صِحَّةَ إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ فِي النِّهَايَةِ بِصِحَّتِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ جَوَازَ صِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَهُ وَذَكَرَ احْتِمَالَيْنِ، وَبَنَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ غَصْبَ الْحُرِّ وَحَبْسَهُ عَنْ الْعَمَلِ فَإِنَّ فِي ضَمَانِ أُجْرَتِهِ وَجْهَيْنِ.

[تَنْبِيه مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ]

تَنْبِيهٌ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمَا، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ صِحَّةَ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَإِنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَلَوْ حَبَسَهَا عَنْ النِّكَاحِ حَتَّى فَاتَ بِالْكِبَرِ.

وَخَالَفَ ابْنُ الْمُنَى وَجَزَمَ فِي تَعْلِيقِهِ بِضَمَانِ مَهْرِ الْأَمَةِ بِتَفْوِيتِ النِّكَاحِ وَذَكَرَ فِي الْحُرَّةِ تَرَدُّدًا لِامْتِنَاعِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَقَدْ يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ الْمَوْطُوءَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لَوْ حَمَلَتْ ثُمَّ تَلِفَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَهَا الْوَاطِئُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ إذَا زَنَى بِهَا كُرْهًا فَحَمَلَتْ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ الطَّلْقِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ ; لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ كَأَنَّهُ إثْبَاتُ يَدٍ وَهَلَاكٍ تَحْتَ الْيَدِ الْمُسْتَوْلِيَةِ عَلَى الرَّحِمِ وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَمُجَرَّدُ السَّبَبِ ضَعِيفٌ وَفِي الْمُغْنِي يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا لِحُصُولِ التَّسَبُّبِ فِي التَّلَفِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالتِّسْعُونَ هَلْ تَثْبُتُ يَدُ الضَّمَانِ مَعَ ثُبُوتِ يَدِ الْمَالِكِ أَمْ لَا]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالتِّسْعُونَ) : هَلْ تَثْبُتُ يَدُ الضَّمَانِ مَعَ ثُبُوتِ يَدِ الْمَالِكِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ

<<  <   >  >>