للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهَا: رَهْنُ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى ثَمَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا قِيلَ بِصِحَّتِهِ يَزُولُ بِهِ الضَّمَانُ عَلَى قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ ارْتِهَانٍ. .

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إنْ جِئْتُك بِحَقِّك إلَى وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك بِالدَّيْنِ وَقَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، ثُمَّ يَصِيرُ مَضْمُونًا ; لِأَنَّ قَبْضَهُ صَارَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، بِاللَّآلِي عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ بِحَالٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

وَمِنْهَا: لَوْ كَاتَبَ الْمُدَبَّرُ أَوْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبُ صَحَّ نَصَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُؤَدِّ الْعَبْدُ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْئًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَلْ يَكُونُ كَسْبُهُ لَهُ كَمَا لَوْ عَتَقَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَهُوَ مُكَاتَبٌ أَوْ لِلْوَرَثَةِ كَعِتْقِهِ بِالتَّدْبِيرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهَكَذَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ التَّدْبِيرِ بِالْكِتَابَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ فَيَبْطُلُ بِالْكِتَابَةِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ إذَا وَصَلَ بِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ موضوعها]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : فِيمَا إذَا وَصَلَ بِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا فَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ أَوْ يُجْعَلُ كِنَايَةً عَمَّا يُمْكِنُ صِحَّتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؟ وَفِيهِ خِلَافٌ، يَلْتَفِتُ إلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ هَلْ هُوَ اللَّفْظُ أَوْ الْمَعْنَى، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا وَشَرَطِ عَلَيْهِ الْعِوَضَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الْقَرْضِ فَيَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّاب فِي انْتِصَارِهِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ رُءُوسِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَنَا شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْعَارِيَّةِ كَمَا يَصِحُّ شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ ; لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، وَلَا تَفْسُدُ بِذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَرَّرَ أَنَّ الْهِبَةَ الْمَشْرُوطُ فِيهَا الْعِوَضُ لَيْسَتْ بَيْعًا، وَإِنَّمَا الْهِبَةُ تَارَةً تَكُونُ تَبَرُّعًا وَتَارَةً تَكُونُ بِعِوَضٍ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ، وَلَا يَخْرُجَانِ مِنْ مَوْضِعِهَا، فَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ، وَهَذَا مَأْخَذٌ آخَرُ لِلصِّحَّةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَفْسُدُ بِذَلِكَ وَجَعَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْمَذْهَبَ ; لِأَنَّ الْعِوَضَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضِعِهَا، وَفِي التَّلْخِيصِ إذَا أَعَارَهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَهَذَا رُجُوعٌ إلَى أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ، وَالْفَسَادُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ آخَرَ وَإِمَّا لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَعَرْتُك عَبْدِي لِتُمَوِّنَهُ أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى مُؤْنَةِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ بِأَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك أَوْ لِي فَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: هِيَ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي لَكِنَّهُ قَالَ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فِي

<<  <   >  >>