إلَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْحُرَّ قَدْ طَابَقَ قَوْلَ الْمُدَّعِي اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ فَيَبْعُدُ الِاشْتِرَاكُ، وَالْعَبْدُ وَالْحَيَوَانُ إنَّمَا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي وَصْفِهِ أَوْ فِي وَصْفِهِ وَاسْمِهِ وَالْوَصْفُ كَثِيرُ الِاشْتِبَاهِ وَكَذَلِكَ الِاسْمُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي شَهَادَةِ الْأَعْمَى أَنَّهُ إنْ عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ عَرَفَهُ بِرُؤْيَتِهِ قَبْلَ عَمَاهُ فَوَصَفَهُ فَفِي قَبُولِهَا وَجْهَانِ ; لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُجَرَّدَ يَحْصُلُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ.
(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ فَوَهَبَ لِإِحْدَاهُمَا شَيْئًا أَوْ أَقَرَّ لَهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَقَالَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ إخْرَاجُ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَ إحْدَى بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ، وَهَذَا صَحِيحٌ ; لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْإِقْرَارَ هُنَا وَقَعَ لِمَعْنًى فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فَيُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وُجِدَ فِي كِتَابِ وَقْفٍ أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ عَلَى فُلَانٍ وَبَنِي بَنِيهِ وَاشْتَبَهَ هَلْ الْمُرَادُ بَنِي بَنِيهِ (جَمْعُ ابْنٍ) أَوْ بَنِي بَنِيهِ (وَاحِدَةُ الْبَنَاتِ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ: يَكُونُ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا لِتُسَاوِيهِمَا كَمَا فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ هَذَا تَعَارُضَ الْبَيِّنَتَيْنِ بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ تَرَدُّدِ الْبَيِّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ كَانَ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَالْقِسْمَةُ عِنْدَ التَّعَارُضِ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ إمَّا التَّسَاقُطُ وَإِمَّا الْقُرْعَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ هَهُنَا ; لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ لِإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجَّحَ بَنُو الْبَنِينَ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِ بَنِيهِ لَا يَخُصُّ مِنْهُمَا الذُّكُورَ بَلْ يَعُمُّ أَوْلَادَهُمَا بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ يَخُصُّ ذُكُورَهُمْ كَثِيرًا كَآبَائِهِمْ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ وَلَدَ الْبِنْتِ لَسَمَّاهَا بِاسْمِهَا أَوْ لَشَرَكَ بَيْنَ وَلَدِهَا وَوَلَدِ سَائِرِ بَنَاتِهِ، قَالَ: وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ. وَأَفْتَى رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ وَجَهِلَ اسْمَهُ أَنَّهُ يُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ.
[الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ يَنْزِل الْمَجْهُولُ مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَهُ]
(الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ) يَنْزِل الْمَجْهُولُ مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَهُ إذَا يَئِسَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ شَقَّ اعْتِبَارُهُ وَذَلِكَ فِي مَسَائِلَ:
(مِنْهَا) الزَّائِدُ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ الْمُسْتَحَاضَةُ مِنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ أَوْ غَالِبِهِ إلَى مُنْتَهَى أَكْثَرِهِ، حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْدُومِ حَيْثُ حَكَمْنَا فِيهَا لِلْمَرْأَةِ بِأَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ كُلِّهَا فَإِنَّ مُدَّةَ الِاسْتِحَاضَةِ تَطُولُ وَلَا غَايَةَ لَهَا تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَقَلِّ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ تَقْضِي الصَّوْمَ الْوَاقِعَ فِيهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْعَادَةِ بِالتَّكْرَارِ ; لِأَنَّ أَمْرَهُ يَنْكَشِفُ بِالتَّكْرَارِ عَنْ قُرْبٍ. وَكَذَلِكَ النِّفَاسُ الْمَشْكُوكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute