إلَى بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى مَحَلِّ الزَّكَاةِ فَإِنْ قُلْنَا: الذِّمَّةُ، لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ زَكَاتَهُ لَا تَسْقُطُ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْعَيْنُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ عَنْ الْغَائِبِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَحْمَدَ
(الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ) إذَا أَخْرَجَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاةَ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِنْهُ فَهَلْ يُحْسَبُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ أَمْ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ خَاصَّةً؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ بَنَاهُمَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ التَّعَلُّقِ فَإِنْ قُلْنَا الذِّمَّةُ فَهِيَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْأَصْلِ وَالرِّبْحُ كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَإِنْ قُلْنَا الْعَيْنُ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ كَالْمَئُونَةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي فَيُحْتَسَبُ مِنْ نَمَائِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَيْضًا الْوَجْهَانِ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ الْمُضَارِبِ زَكَاةَ حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إيمَاءٌ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا حَقُّ رَبِّ الْمَالِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ تَزْكِيَتُهُ بِدُونِ إذْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَصِيرَ الْمُضَارَبُ شَرِيكًا فَيَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْخُلَطَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُسْتَفَادُ بَعْدَ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هَلْ يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ أَوْ يُفْرَدُ عَنْهُ]
[الثَّالِثَةُ] الْمُسْتَفَادُ بَعْدَ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، هَلْ يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ أَوْ يُفْرَدُ عَنْهُ؟ إذَا اسْتَفَادَ مَالًا زَكَوِيًّا مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ حَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُفْرَدُ بِحَوْلٍ عِنْدَنَا وَلَكِنْ هَلْ نَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ فِي الْعَدَدِ وَنَخْلِطُهُ بِهِ وَيُزَكِّيهِ زَكَاةً خَالِطَةً أَوْ يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كَمَا أَفْرَدَهُ بِالْحَوْلِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كَمَا يُفْرِدُهُ بِالْحَوْلِ وَهَذَا الْوَجْهُ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَفَادُ نِصَابًا أَوْ دُونَ نِصَابٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فَرْضُ النِّصَابِ أَمَّا إنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ وَتَغَيَّرَ فَرْضُ النِّصَابِ لَمْ يَتَأَتَّ فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ مَضْمُومٌ إلَى النِّصَابِ فِي الْعَدَدِ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ جَعْلُ مَا لَيْسَ بِوَقْصٍ فِي الْمَالِ وَقْصًا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَيَخْتَصُّ هَذَا الْوَجْهُ أَيْضًا بِالْحَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ تَجْتَمِعُ مَعَ النِّصَابِ فِي الْحَوْلِ كُلِّهِ بِخِلَافِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِاطِّرَادِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ بِحِكَايَةِ ذَلِكَ وَجْهًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُزَكَّى زَكَاةَ خُلْطَةٍ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ نَفْسَانِ فِي أَثْنَاءِ حَوْلٍ وَقَدْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِيهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَزَعَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي ضَعَّفَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا ضَعَّفَ الْأَوَّلَ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ فَيُزَكَّى زَكَاةَ ضَمٍّ وَعَلَى هَذَا، فَهَلْ الزِّيَادَةُ كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ أَمْ لِكُلِّ نِصَابٍ وَاحِدٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَزَكَّى النِّصَابَ عَقِيبَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ فَرْضِ الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُزَكَّ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ نِصَابٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute