للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَعْتَقَ عَبْدًا فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَكِنْ يَرْجِعُ هُنَا عَلَى الْآمِرِ بِالْقِيمَةِ لِتَغْرِيرِهِ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْفُذَ لِتَغْرِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَغْرُرْهُ أَحَدٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ إذْ الْمُخَاطَبَةُ بِالْعِتْقِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ شَبِيهٌ بِعِتْقِ الْهَازِلِ وَالْمُتَلَاعِبِ فَيَنْفُذُ، وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَنَظِيرُ هَذِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنْ يُوَكِّلَهُ شَخْصٌ فِي تَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ وَيُشِيرُ إلَى امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيُطَلِّقُهَا ظَانًّا أَنَّهَا امْرَأَةُ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ.

وَقَدْ تُخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا نَادَى امْرَأَةً فَأَجَابَتْهُ امْرَأَتُهُ الْأُخْرَى فَطَلَّقَهَا يَنْوِي الْمُنَادَاةَ فَإِنَّهُ تَطْلُقُ الْمُنَادَاةُ وَحْدَهَا وَلَا تَطْلُقُ الْمُوَاجِهَةُ فِي الْبَاطِنِ وَفِي الظَّاهِرِ رِوَايَتَانِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَطْلُقُ الْمُوَكَّلُ فِي طَلَاقِهَا هُنَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا انْصَرَفَ إلَى جِهَةٍ مَقْصُودَةٍ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى صَرْفِهِ إلَى غَيْرِ الْمَقْصُودِ وَإِنْ كَانَتْ مُوَاجِهَةً بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جِهَةٌ سِوَى الْمُوَاجِهَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَصِيرُ يَصْرِفُهُ عَنْهَا هَزْلًا وَلَعِبًا وَلَا هَزْلَ فِي الطَّلَاقِ.

وَمِنْهَا لَوْ اشْتَرَى آبِقًا يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ لِاعْتِقَادِهِ فَقْدَ شَرْطِ الصِّحَّةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْبَاطِنِ وَفِي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ ثَالِثٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ، وَبَيْنَ مَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ بَاطِلًا وَقَدْ تَبَيَّنَ وُجُودُ شَرْطِ صِحَّتِهِ.

وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتًا إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّاب فِي انْتِصَارِهِ هُوَ صَحِيحٌ وَهَذَا يُرَجِّحُ وَجْهَ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَبْدُوءِ بِهَا.

[الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ تَصَرَّفَ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِيهِ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُعْتَمَدَ غَيْرُهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ]

(الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ)

وَلَوْ تَصَرَّفَ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِيهِ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُعْتَمَدَ غَيْرُهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِنَادُ إلَى مَا ظَنَّهُ صَحِيحًا أَيْضًا فَالتَّصَرُّفُ صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى الْقِبْلَةِ بِنَجْمٍ يَظُنُّهُ الْجَدْيَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَجْمٌ آخَرُ مُسَامِتُهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مَا ظَنَّهُ مُسْتَنِدًا [اسْتِنَادًا] صَحِيحًا مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ فَاسِدًا وَأَنَّهُ وَرِثَ تِلْكَ الْعَيْنَ فَإِنْ قُلْنَا فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى بِالصِّحَّةِ فَهُنَا أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا ثُمَّ بِالْبُطْلَانِ فَيَحْتَمِلُ هُنَا الصِّحَّةَ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ مُسَوِّغٍ وَكَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَهُ مُسَوِّغٌ غَيْرُهُ فَاسْتَنَدَ التَّصَرُّفُ إلَى مُسَوِّغٍ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ بِخِلَافِ الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ [رَحِمَهُ اللَّهُ] . وَالْمَذْهَبُ هُنَا الصِّحَّةُ بِلَا رَيْبٍ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ

<<  <   >  >>