للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِالِانْفِسَاخِ بَعْدَ التَّلَفِ وَالْخُسْرَانِ فَيَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مُفِيدًا لِلشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ خَاصَّةً وَيَكُونُ فَسْخُهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ بِمُسَمَّى الشَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى شَرْطٍ لَفْظِيٍّ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ هَذَا فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ وَأَبُو طَالِبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُمْ وَنُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ صَرِيحًا وَسُئِلَ أَحْمَدُ هَلْ يَدْخُلُ هَذَا فِي رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ؟ فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ الْمُضَارِبِ يَأْخُذُ الرِّبْحَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَقَدْ أَشْكَلَ تَوْجِيهُ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى الْقَاضِي فَحَمَلَهُ عَلَى مَحَامِلَ بَعِيدَةٍ جِدًّا وَحَمَلَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَتَبِعَهُ الشِّيرَازِيُّ إلَّا أَنَّهُ خَرَّجَ وَجْهًا آخَرَ أَنَّ الْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا كَالرِّبْحِ.

[الْقَاعِدَةُ السِّتُّونَ التَّفَاسُخُ فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مَتَى تَضَمَّنَ]

(الْقَاعِدَةُ السِّتُّونَ) : التَّفَاسُخُ فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مَتَى تَضَمَّنَ ضَرَرًا عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَنْفُذْ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ اسْتِدْرَاكُ الضَّرَرِ بِضَمَانٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ الْمُوصَى إلَيْهِ أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَهُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِمَا إذَا وَجَدَ حَاكِمًا لِئَلَّا يَضِيعَ إسْنَادُهَا فَيَقَعُ الضَّرَرُ وَأَخَذَهَا مِنْ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْوَصِيِّ يَدْفَعُ الْوَصِيَّةَ إلَى الْحَاكِمِ فَيَبْرَأُ مِنْهَا قَالَ إنْ كَانَ حَاكِمًا فَنَعَمْ وَحَكَى رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ بِحَالٍ وَلَا قَبْلَهُ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِهِ وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِحَالٍ إذَا قَبِلَهَا وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَحَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ صَرِيحًا فِي الْحَالَيْنِ.

وَمِنْهَا الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ إذَا عَزَلَهُ الرَّاهِنُ يَصِحُّ عَزْلُهُ عَلَى الْمَنْصُوصُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ وَيَبِيعُ عَلَيْهِ وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرٌ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُوجَدَ حَاكِمٌ يَأْمُرُ بِالْبَيْعِ أَوْ لَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ

وَمِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ فَسْخُ عَقْدِ الْجِعَالَةِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِبُطْلَانِ الْمُسَمَّى بِالْفَسْخِ فَإِذَا عَمِلَ بِهِ أَحَدٌ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ سَمَّى لَهُ تَسْمِيَةً فَاسِدَةً وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَسْتَحِقَّ فِي جَعْلِ الرَّدِّ الْأَبْقَ الْمُسَمَّى بِالشُّرُوعِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ وَقَدْ صَارَ وُجُودُ التَّسْمِيَةِ كَالْعَدَمِ.

وَمِنْهَا إذَا فَسَخ الْمَالِكُ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ وَقُلْنَا هِيَ جَائِزَةٌ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَنَصِيبُ الْعَامِلِ فِيهَا ثَابِتٌ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ رِوَايَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ حِصَّةَ الْمُسَاقِي لَيْسَتْ وِقَايَةً لِلْمَالِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ وَكَذَلِكَ لَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الظُّهُورِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الظُّهُورِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَامِلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِإِعْرَاضِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ عَقْدٍ يَقْضِي إلَى حُصُولِ

<<  <   >  >>